أصوات الحقيقة تحت أنقاض الخيام.. قصف إسرائيلي يستهدف أنس الشريف في قلب غزة

تصدر اسم الصحفي الفلسطيني أنس الشريف، أحد أبرز المراسلين الميدانيين في قطاع غزة، عناوين الصحافة العالمية بعد استشهاده فجر اليوم في قصف إسرائيلي متعمد استهدف خيمة مخصصة للصحفيين أمام مجمع الشفاء الطبي، ما أسفر عن استشهاد عدد من زملائه، بينهم الصحفي محمد قريقع، وفق ما نقلته 'القاهرة الإخبارية'.
واستشهد الصحفي الفلسطيني أنس الشريف فجر اليوم برفقة 4 من زملائه في قصف للاحتلال الإسرائيلي.
ونشرت الصفحة الرسمية للصحفي الفلسطيني أنس الشريف وصيته التي خطها قبل استشهاده، مشددًا فيها على أنه قدم كل ما بوسعه من جهد وقوة ليكون دعمًا وصوتًا معبرًا عن أبناء الشعب الفلسطيني.
وصية أنس الشريف
وقال أنس الشريف، إنه منذ صغره كان يحلم بعودته إلى بلدته الأصلية عسقلان المحتلة 'المجد'، موضحا انه عاش الألم بكل تفاصيله.وتابع: أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم، أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران.
وأضاف: أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة، أُوصيكم بأهلي خيرًا، أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيّام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم، وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عونًا ورفيق دربٍ حتى يشتدّ عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة.
وتابع: أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي.
واختتم: أدعو الله أن يُربط على قلبها، ويجزيها عنّي خير الجزاء، وأوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيامٍ وشهورٍ طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة.
واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي، بتنفيذ الغارة الجوية التي أدت إلى استشهاد الصحفي أنس الشريف وعدد من زملائه في مدينة غزة، زاعمًا أن الشريف كان يقود خلية تابعة لحركة حماس.
الاحتلال يعترف بقتل أنس الشريف
كما نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال صورًا قال إنها تجمع أنس الشريف بقيادات في حركة حماس، زاعمًا انضمامه إليهم.
وقال الجيش في بيان له إن أنس الشريف، الذي يعمل مراسلًا لقناة الجزيرة، 'كان قائدًا لخلية إرهابية في حركة حماس، ومسؤولًا عن إطلاق صواريخ على المدنيين الإسرائيليين وقوات الجيش'.
وأضاف البيان أن معلومات استخباراتية ووثائق عُثر عليها في قطاع غزة 'تؤكد انتماءه العسكري للحركة'، وتتضمن 'قوائم بأسماء أفراد ودورات تدريبية، ودليل هواتف، ووثائق راتب'، معتبرًا أن هذه المواد تمثل 'دليلًا قاطعًا' على نشاطه العسكري.
مجمع الشفاء الطبي يتحول إلى ساحة دماء
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت استشهاد خمسة فلسطينيين، بينهم أربعة صحفيين، جراء قصف إسرائيلي استهدف خيمة مخصصة للصحفيين أمام مستشفى الشفاء في غزة.والمستشهدون هم: أنس الشريف ومحمد قريقع، مراسلا قناة الجزيرة، والمصوران إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، إضافة إلى إصابة الصحفي محمد صبح، مراسل قناة الكوفية.
وبحسب التلفزيون الفلسطيني، فإن الخيمة كانت مخصصة لتغطية الأحداث الميدانية في محيط مستشفى الشفاء عند وقوع الغارة.
الأزهر ينعي أنس الشريف
ونعى مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف شهداء الصحافة في غزة، مؤكدًا أن جرائم الاحتلال الإسرائيلي لن تنجح في طمس الحقيقة.وقال مرصد الأزهر، في بيانٍ صادرٍ عنه، «صمت مطبق يحاول الاحتلال فرضه على غزة، لكنه صمت محكوم عليه بالفشل أمام صرخات الحقيقة التي لن تخفت، بينما يخرج رئيس حكومة الاحتلال ليكذب بوقاحة، زاعمًا أن ما يراه العالم من مجاعةٍ في غزة ليس سوى حملة أكاذيب، ويتجاهل الصور المؤلمة لأطفالٍ أنهكهم الجوع، فإن الحقيقة أقوى من كل محاولات التزييف».
وأردف مرصد الأزهر قائلًا: «إن هذه الادعاءات ليست إلا امتدادًا لسياسة التضليل التي يتبعها الاحتلال، ضاربًا عرض الحائط كل الشهادات الحية، وأصوات صراخ البطون، وألم الفقد الذي هزّ ضمير العالم».
وتابع مرصد الأزهر، مستنكرًا جرائم الاحتلال البشعة، «'اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس' نصيحة قدمها الألماني جوزيف جوبلز مهندس ماكينة الدعاية النازية منذ عقود، واليوم يطبقها نتنياهو وحكومته بدقة، إنهم يكذبون ويدركون جيدًا حجم كذبهم، لكنهم يواصلون غطرستهم ووحشيتهم».
وواصل قائلًا: «لقد أسكتت آلة البطش الصهيونية أصواتًا جديدةً اليوم، حين استشهد الصحفيون أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومحمد نوفل في قصفٍ وحشي استهدف خيمتهم، رغم علم الاحتلال بطبيعة مهنتهم. لم يكن هؤلاء الصحفيون سوى شهودٍ على جريمة الإبادة، فأصبحوا ضحايا لها».
وأضاف قائلًا: «إننا ننعي هؤلاء الأبطال، وجميع الصحفيين الذين سبقوهم، الذين تجاوزوا 228 شهيدًا، والآلاف من الفلسطينيين الأبرياء الذين كانوا هدفًا دائمًا لقنابل محتلٍ فقد إنسانيته. ونؤكد أن هؤلاء الشهداء ليسوا مجرد أرقام، بل هم أصوات أسكتها الظلم، وستبقى ذكراهم صرخةً مدويةً في وجه الصمت العالمي».