إمام المسجد الحرام: التنمر آفة بغيضة بسبب خلل في التربية الأسرية أخطرها ما يقع بين الطلاب
قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، إن التنمر هو الانفكاك الظاهر بين التعامل والتهذيب، فإن النفس الفارغة لن ترضى إذا لم ترض، وتلجم بلجام اللين والسماحة والوداعة، وما سماها من سماها بالتنمر إلا لبشاعة العدوان فيها، وخروج المعتدي في طباعه من صورته الإنسانية إلى صورة سلوك السباع الضواري، التي تفتك بمن حولها وتسطو عليه، فهي لا تنفك تصول وتفترس.
وأوضح خلال خطبة يوم الجمعة من المسجد الحرام أن التنمر سلوك عدواني متكرر، يقوم به الإنسان ذكرا كان أو أنثى صغيرا أو كبيرا فردا أو جماعة تجاه آخرين، معتمدا في ذلك على قوته وفتوته ورفقته، وعلى ضعف المعتدى عليه أو انفراده، فكأن المتنمر بتنمره يتقيأ أخلاطا من الخلق الفاسد، الذي ابتلعه من حيث يشعر أو لا يشعر، بعد أن بلغ به التخمة، وإن كان التنمر ليس له سن معينة، إلا أنه يجد أرضا خصبة في أوساط الأطفال والمراهقين والشباب، وأما وسائل التنمر فمتعددة في البيت والسوق والمدرسة والمجامع العامة والخاصة.
أنواع التنمر
وأشار الدكتور الشريم إلى أن التنمر في واقع الأمر نوعان، أحدهما تنمر حسي وهو ذو تنوع، فقد يكون لفظيا من خلال الشتم أو السخرية أو السباب أو الشماتة أو بها جميعا، وقد يكون غريزيا بالتحرش والابتزار ونحوه، وقد يكون فعليا من خلال الضرب وإيذاء الجسد أو السلب والنهب وتخريب ملك الغير، والضرب الآخر: هو التنمر المعنوي من خلال الاحتقار والتعصب والعنصرية، وبطر الحق وغمط الناس ، وآفة بغيضة، يتسارع تراكمها في المجتمع كلما غفل عنها التربويون وذوو الاختصاص بتلكم الآفة الحالقة.ظاهرة التنمر
وأشار سعود الشريم إلى أن بعض المختصين عد ظاهرة التنمر بأنها متفشية في كثير من المجتمعات أيا كانت معيشتها وأطيافها، ويكثر الحديث عنها في وسائلهم المرئية والمسموعة والمقروءة، فكم هي الحوادث المتكررة من صور التنمر يراها الناس يمنة ويسرة، من تحرش وابتزاز، وقسوة وإيذاء، واعتداء على الغير، في طرقات الناس أو مجامعهم، وربما كان في البيوتات بين الأزواج تارة، وبين الآباء والأولاد تارات أخرى، فكم هي القضايا التي تستقبلها الشرط، وكم هي الحالات التي تتلقاها المشافي والمحاكم جراء آفة التنمر، وكم هي القصص والوقائع، التي تتناقلها الصحف، ويتداولها الناس بصورة لافتة، عبر وسائل الاتصال الحديثة، من خلال الخبر أو المشاهدة.وأفاد أن التنمر المشهود يعد من معاول العنف والتباغض والتدابر في هدم لبنات التراحم والشفقة والبر والإحسان في الأسرة والمجتمع، وإنه ليشتد خطره حينما يقع بين الطلاب في بيئتهم التعليمية، للتضاد البين بين مخرجاتها الرئيسة في الفهم، وتحمل المسؤلية، وتهذيب السلوك والتآلف لدى النشء، وبين التربية على الصالح العام، والخلق الرفيع بين الطلاب وبين الطالبات، وإنه لا يقل خطرا عنه التنمر الإلكتروني والتقني الحديث، عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتداولة؛ لأن ضرره أكثر تعديا مما سواه بطبيعة انتشاره في كل بيت، ونفوذه في التشويش والتهويش، والإرباك للعامة والخاصة في المجتمع الواحد، الذي هو أحوج ما يكون إلى التآخي والتراحم، ومراعاة الصالح العام، والشعور بالمسؤولية الملقاة على النفس وعلى الآخرين.
حالة وحشية عارضة
وأكد أن التنمر، سنجد أنه حالة وحشية عارضة، يذكيها أزمة نفسية يتجرعها المتنمر، بسبب خلل في تربيته الأسرية، أو أن الأسرة تعيش حالة من العنف بين ذويها، أو بسبب ما يحمله الفرد بين أسرته من طاقة مكبلة، لم يحسن أهلها التنفيس عنه فيها بما ينفعه ولا يضره، فإن الكأس تفيض عند امتلائها، أو أن ذلك بسبب خلل توعوي، أو قصور تربوي، أو طبع انتقامي ونحو ذلكم، فيجعل محصلة ذلك في التعبير عنها بتنمره على الآخرين، إما من باب الانتقام والتشفي، والهروب من ذلكم الواقع الذي يعيشه، وإما من باب ظنه أنها فتوة وقوة وغلبة، وبخاصة إذا وجد في أوساط الناس من الرفقاء والأصحاب من يشجعه أو يعينه عليها، أو يهيء له أسبابها، أو يهون له عقوبتها وعاقبتها، فإن المتنمر، والمعجب بالمتنمر، والمهون من شأن التنمر، هم في الواقع شركاء في إذكائه واستفحاله، وما ذلكم في الحقيقة إلا انعطاف عن مسار التقويم، وإهمال مرفوض لا قبول له بوجه من الوجوه، وما عاقبة التنمر لصاحبه إلا اضطراب في شخصه، وإفساد في مجتمعه، وإدمان للسلوك العدواني، وقلق واكتئاب لا ينفكان عنه، وقد قال النبي صل الله عليه وسلم : ' ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب'.طرق العلاج
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام على أن ضعف الوازع الديني والإخفاق في التربية على الخلق القويم أعظم سببين في حصول التنمر، يضاف إلى ذلكم البيئة والرفقة وأثرهما على الفرد والجماعة، فإن القرين بالمقارن يقتدي، ولن يتنمر من رفقته ذوو حلم وأناة، ولن يحلم من رفقته ذوو صلف وغلظة ، مبيناً أنه ينبغي أن ينطلق علاج التنمر من غرس ثقة الطفل بنفسه، ومراقبة سلوكه منذ نعومة أظفارة؛ ليجتاز هذا الفخ المهلك فيتم مسير حياته خاليا من التنمر ، وينبغي ألا يغفل المختصون عن إعمال مبدأ العقاب الذي يقابل مبدأ الثواب؛ إذ هو أقنوم رئيس في الحد من ظاهرة التنمر الذي يهدد استقرار المجتمعات، وأنه يجب إعمال ما يسنه ولاة أمر المسلمين مما من شأنه توثيق حماية حقوقهم، وعقوبة إيذائهم أو التحرش بهم، فإن بعض النفوس الرديئة لا يردعها وعظ ولا تذكير، وإنما ترتدع بقوة السلطان، كما قال عثمان رضي الله عنه: 'إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن'. ثم إن مما لا يقل أهمية عما مضى عباد الله: التوعيةَ والإرشاد، والتوجيه السليم لمكارم الأخلاق، وبث روح الإلفة والمحبة والإخاء عبر وسائل متعددة، وبيان أن التنمر وحش كاسر، إذا تمثله المرء تعذرت السيطرة عليه، وبيان أن أي انتصار يحدثه التنمر، فإنما هو في الحقيقة أسوأ من أي هزيمة؛ لأنه انتصار زائف لدى كل ذي لب من الناس، فإذا ضعف الإرشاد والتعليم عم الجهل، ومع الجهل يأتي الخوف، ومن الخوف يأتي التعصب، ومن التعصب يأتي التنمر، والتوجيه السليم هو نور التخلص من الجهل المظلم، فإننا إذا أحسنا التعامل مع ظاهرة التنمر لدى الأطفال والشباب أمنا جانبا مهما من مستقبل الأمة، فأطفال اليوم هم شباب الغد، وشباب اليوم هم كبار الغد، وما المجتمع المتماسك إلا بأطفاله وشبابه وكباره، ولن يبلغ هؤلاء التآلف إلا إذا أمن بعضهم ألسن بعض وأيديهم .اتهمت زميلتها بضربها والتنمر عليها.. النيابة الإدارية تستمع لأقوال صيدلانية الزقازيق وتستدعي الشهود
تأجيل محاكمة 6 متهمين باحتجاز 3 أطفال سودانيين والتنمر عليهم بعين شمس
بث مباشر قناة صدى البلد - قناة صدى البلد بث مباشر - 2 بث مباشر قناة صدى البلد