إيران تدخل نادي العشرة لإنتاج الماء الثقيل.. ما علاقته بالنووي؟

كشفت وكالة تسنيم الإيرانية، أن إنتاج الماء الثقيل يُعد من التقنيات المعقدة والاستراتيجية في الصناعة النووية، وإيران استطاعت من خلال إنشاء وتطوير مجمع "خُنداب" للماء الثقيل أن تُدرج اسمها ضمن قائمة الدول العشر التي تمتلك هذه التقنية.

يُستخدم الماء الثقيل في بعض أنواع المفاعلات النووية كبديل عن الماء العادي. فبينما يتكوّن الماء العادي من ذرتَي هيدروجين وذرة أكسجين، يتكوّن الماء الثقيل من ذرتَي ديوتيريوم (وهو نظير أثقل للهيدروجين) وذرة أكسجين. وبسبب وزن الديوتيريوم الأعلى، يُطلق على هذا النوع من الماء اسم "الماء الثقيل".

وقد نجح الخبراء الإيرانيون في إنتاج هذه المادة القيّمة واستخدامها في تطبيقات متعددة. وتُعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية واحدة من بين 10 دول فقط حول العالم تمتلك مصنعًا لإنتاج الماء الثقيل. حاليًا، يُنتج مجمع "خنداب" بالقرب من مدينة أراك كميات كبيرة من هذه المادة سنويًا، وتُصدَّر أجزاء منها إلى دول مختلفة.

الماء الثقيل، أو D₂O، هو جزيء ماء يتم فيه استبدال ذرات الهيدروجين العادي (¹H) بذرات ديوتيريوم (²H أو D)، مما يمنحه خصائص مميزة، مثل قدرته على تبطيء النيوترونات، وهو أمر ضروري لتشغيل بعض المفاعلات التي تستخدم الوقود الطبيعي. لذلك يُستخدم الماء الثقيل في الصناعات النووية، إنتاج النظائر الطبية، والأبحاث العلمية.

يقع مجمع خنداب (IR-40) على بُعد 55 كيلومترًا شمال غرب أراك، على أرض مساحتها 20 هكتارًا، وقد تم تصميمه وإنشاؤه من قبل خبراء إيرانيين. بدأت الدراسات الأولية عام 1984، وانطلقت الأعمال الصناعية في 1998، وتم تشغيل المجمع رسميًا في عام 2006. وقد تم اختيار موقع المشروع نظرًا لتوفّر الموارد الأولية، والاستقرار الزلزالي، وأهميته الاستراتيجية.

ويُعد الماء الثقيل المنتج في خنداب ثاني أهم مادة استراتيجية نووية بعد اليورانيوم، وتُقدّر قيمته السوقية بنحو 1000 دولار للكيلوغرام الواحد. بعد الاتفاق النووي، صدّرت إيران 32 طنًا من الماء الثقيل إلى الولايات المتحدة و38 طنًا إلى روسيا، وتسعى حاليًا لتوسيع سوقها نحو آسيا وأوروبا. وقد لاقت المنتجات الإيرانية ترحيبًا في الأسواق الخارجية بفضل جودتها العالية ومتانة تجهيزاتها.

ومن الجدير بالذكر أن الكيان الصهيوني شنّ في 18 يونيو 2025 هجومًا عدوانيًا على محيط مجمع IR‑40، إلا أن الجهات الرسمية أكدت سريعًا أن الهجوم لم يسفر عن أي خسائر بشرية أو تسرّب إشعاعي، إذ كان الموقع قد تم إخلاؤه مسبقًا.

وبفضل الإنتاج المستقر لنحو 20 طنًا من الماء الثقيل سنويًا وصادراته الناجحة، حافظت إيران على مكانتها بين أبرز عشر دول منتجة ومصدّرة لهذه المادة في العالم. ويعكس هذا الموقع مزيجًا من القدرة الإنتاجية العالية، والجودة الفائقة، والسوق الدولية القوية.

ويُعد التوسّع في مجمع خنداب ورفع كفاءته مؤشرًا واضحًا على الاكتفاء الذاتي التكنولوجي لإيران. كما أن وتيرة تطوير مشروع إعادة تصميم IR‑40، وإنتاج المواد الطبية، ونجاح التصدير، تمهّد الطريق لنمو اقتصادي وفني جديد.

تُثبت إيران من خلال إنتاج كميات كبيرة من الماء الثقيل عالي النقاء وتصديره، أنها لاعب ثابت في هذا المجال الاستراتيجي، ويُعد مجمع خنداب نموذجًا ناجحًا لتوطين التكنولوجيا المعقدة وتحقيق العوائد من المنتجات ذات الأهمية الوطنية.