بحضور وزير الأوقاف.. ختام أعمال اللقاء التشاوري لعلماء الساحل والسودان بموريتانيا

اختتمت أعمال الملتقى التشاوري لعلماء الساحل والسودان، الذي عقد مؤتمره الإفريقي للسلم بالعاصمة الموريتانية نواكشوط تحت عنوان: وأصلحوا ذات بينكم، تحت رعاية الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وسط مشاركة واسعة من علماء الأمة ومفكريها وعدد من الوزراء بقارة إفريقيا وخاصة دول الساحل الإفريقي.

وشارك في المؤتمر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بجانب عدد من العلماء والوزراء والخبراء الأفارقة، وخاصة من دول الساحل والسودان، كما ضم عددا كبيرا من القيادات الدينية والفكرية والسياسية المختلفة في الدول المعنية.

وأصدر الملتقى بيانا ختاميا، مؤكدا أهمية التوصل إلى حلول سلمية للأزمة السودانية الحالية ووقف القتال الدائر، حيث افتتح اللقاء بكلمة الوزير الأول المهندس محمد ولد بلال ولد مسعود، كما شارك في الجلسة الافتتاحية إلى جانب عبدالله بن بيه والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وموسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وحسين إبراهيم طه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي والسفير رشاد حسين سفير الحريات الدينية في الولايات المتحدة.

وشهدت جلسات اللقاء على مدى يومين مداخلات ومناقشات معمقة لأهم قضايا الوضع الراهن في دول الساحل والسودان، كما قدمت مقترحات للمساهمة في معالجة أزمة السودان ودول الساحل، وبعد تداول الآراء والأفكار، وتأسيسا على منطلقات المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، خلص اللقاء إلى ما يلي:

أولا: المبادئ

1- إن النفس البشرية مصونة محفوظة شرعا بمحكمات النصوص ومنها قوله سبحانه وتعالى: 'ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق'.

2- إن حفظ النفوس من أهم مقاصد الدين الإسلامي، قال الله تعالى: 'مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ'.

3- إن السنة النبوية الشريفة حذرت من خطورة الاقتتال الداخلي بين المسلمين، وقال صلى الله عليه وسلم 'لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ'.

4- إن وحدة الصف وتماسك المجتمع ضرورة حث الدين على مراعاتها، قال تعالى:' واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا'، وقال سبحانه 'وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ'.

5- إن العدل والرحمة والحكمة والمصلحة هي القيم الأربع الكبرى التي تتأسس عليها كل العلاقات، وقد قال سبحانه: 'إن الله يأمر بالعدل والإحسان'، وقال: 'وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين'، وقال: 'ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا'، وقال: 'إنا لا نضيع أجر المصلحين'.

6- إن الوساطة وإصلاح ذات البين أقصر الطرق إلى التوافقات، وقد قال سبحانه: 'لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس'، وقال تعالى: 'إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم'.

وأصدر الملتقى، عددا من التوصيات، جاءت كالتالي:

1-  تشكيل فرق عمل لمتابعة الوضع في الدول المعنية، والسهر على تنفيذ مخرجات هذا اللقاء التشاوري، وتطوير ما قدم فيه من أفكار وتصورات، وقد خول المشاركون المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم للعمل على ذلك.

2-  دعوة المجتمع الدّولي إلى احتضان هذه المبادرة، وتبني توصياتها التي تعزّز الجهود الحالية.

3-  حث القيادات الدينيّة على القيام بالتوعية بأهمية تحقيق السلم ونبذ خطاب الكراهية والاقتتال ونشر دعوة المصالحة بين الناس، ودعوة الأطراف المتصارعة، إلى تغليب المصلحة العامة والحفاظ على الأوطان.

4- القيام بعمل مستعجل لمساعدة اللاجئين والمهجرين من هذه الدول، من خلال تأمين الملاذ الآمن والاحتياجات الطبية والغذائية لهم.

5- إنشاءُ وتنظيم قوافل للسلام، يقودها الأئمةُ والقيادات المجتمعية من مختلف العرقيات والقبائل، ليكونوا رسل وئام وسلام في المناطق التي تعاني من الحروب الأهلية والصراعات الدموية.

6- دعم المبادرات المحلية التي يقودها الأهالي على مستوى القرى والمدن لوقف إطلاق النار والمصالحة وتوسيع هذا النموذج الإيجابي في باقي مناطق الصراع.

7- تعزيزُ وتفعيلُ دور الشباب والنساء في بناء السلم المحلي، والإسهام في رسم السياسات وبناء الشراكات، لتعزيز استقرار المجتمعات وحفظ السلم فيها.

8- وضع إطار شامل لتنسيق جهود السلام ومبادرات المصالحة وإنشاء لجنة دائمة للحوارات والمصالحات من علماء الساحل والسودان.

ووجه المشاركون، في الملتقى، نداء ومناشدة لجميع الأطراف المتنازعة في السودان، بالله والأرحام والوطن، والإشارة إلى أن فالله الله في دماء السودانيين وأموالهم وأعراضهم 'فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ'، والدعوة إلى إيقاف القتل والقتال وتغليب المصلحة العامة صوناً للدماء المعصومة والأعراض المصونة.

كما طالب المشاركون باعتماد الحوار وسيلة وحيدة لحل النزاعات والصراعات، بالاستناد إلى قوة المنطق لا إلى منطق القوة.