بردية فرعونية تكشف أعذار المصريين القدماء للتغيب عن العمل.. بعصر عنب

كشفت بردية فرعونية أعذار المصريين القدماء للتغيب عن العمل من خلال جدول الحضور والانصراف المدون عليها والذي يضم أسباب غاية الغرابة.

أعذار المصريين القدماء للتغيب عن العمل

وجاءت أبرز الأعذار التي لجأ إليها المصريون القدماء كالآني: «بعصر عنب، اعتلال زوجتي، قرصني عقرب».

يعود تاريخ هذه البردية إلى 3200 سنة وتوثق بالخط الهيراطيقي جدول الحضور والانصراف للمصريين في العمل والأعذار التي ساقوها.

وتم العثور على البردية في بعثة أثرية مصرية في وادي الملوك الشرقي - غرب مدينة الأقصر - في عام 2007م.

وأكتشف أعضاء البعثة الأثرية برئاسة زاهي حواس، الثكنات التي عاش فيها العمال الذين بنوا ونحتوا ولونوا المقابر بالوادي؛ وهي عبارة عن أكواخ عثر عليها أمام مقبرة الملك «توت عنخ آمون» مباشرة وقد كشف هيوارد كارتر عن بعض من هذه الأكواخ.

دفتر حضور وانصراف من 3 آلاف سنة!

وقد اتضح أن العمال الذين كانوا يعملون بالمقابر كانوا يبيتون بالوادي الشرقي داخل هذه الأكواخ، أما العمال الذين عملوا في الوادي الغربي فكانوا يأتون من دير المدينة وهي مدينة العمال إلى الوادي الغربي في الصباح الباكر ويعودون في المساء.

ومن الغريب أن البعثة كشفت عن العديد من الجرافيتي (الكتابات) الخاصة بالعمال؛ ومنها العديد من الجرافيتي المرسوم عليه رسومات لحيوانات!

ولكن أهم ما عثرت عليه فهو دفتر الحضور والانصراف الخاص بالعمال مثل ما يحدث اليوم في الهيئات والمصالح!

فكان على العامل المصري القديم عندما يأتي للعمل أن يوقع بأول حرف من اسمه أمام رئيس العمال!

وهذا أول دفتر للحضور والانصراف، أو بمعنى أصح أقدم دفتر يعثر عليه حتى الآن ويعود تاريخه إلى نحو خمسة آلاف عام.

أوقات فراغ العمال المصريين القدماء

وقد كشفت البعثة أن بعض العمال الذين يجلسون في الوادي بعد انتهاء العمل يفكر بعضهم في زوجته أو حبيبته، ولذلك وجدنا عاملاً يقوم برسم صورة محبوبته على قطعة من الحجر، ويبدو أنها كانت على شيء من البدانة؛ أو أن العامل لم يكن ماهراً في الرسم.

وعثرت أيضاً على بعض الألعاب التي كان العمال يمارسونها في أوقات فراغهم، حيث تم العثور على لوحة حجرية مقسمة إلى مربعات مثل لعبة تعرف في صعيد مصر بالسيجا.

وتعليقا على ذلك قال الدكتور مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، إن العمل في العصر الفرعوني كان لهم قيمة في حد ذاته يمجدها الحاكم وتحث عليها تعاليم الحكماء في حياة المصري القديم، وكان يكتب كلمة عمل برمز رجل جالس يحمل فوق رأسه وعاء وسمى العمل (كات) وكان يعترف في المحاكمة في الآخرة (لقد احسنت عملي في بلدي).

قيمة العمل عند قدماء المصريين

وأضاف: كان العمل مرتبطا بالتقوى والجدية لذا أنتج لنا عمائر مختلفة نفذها بأبسط الوسائل المادية والمعدات يصعب تحقيقها في عصرنا بإمكانياته وتقدمه التكنولوجي وعجز الزمن عن محوها.

وتابع: بجانب روح العمل الجماعي والتخطيط السليم وتقديس العمل والاستقرار السياسي كانت هناك جود سلطة حاكمة واعية عملت على تفجير الطاقات وتبنى العناصر الجيدة ذات المواهب وشجعتهم ماديا ومعنويا وحماية حقوقهم وفرض القوانين حتى قال عنخ شاشانقى (أعط العامل رغيفا تأخذ رغيفين من كتفيه). وقال الملك خيتي الثالث لأبنه ناصحا (احترم حياة مملوءة بالنشاط ولعل يدك لا تصبح عاطلة ولكن اقبل على عملك منشرحا فالتراخي يقضى على السماء نفسها). وفى اناشيد اخناتون (يسعى كل حي إلى عمله ضاربا في أرجاء الكون).

فكرة العمل الجماعي لدى الفراعنة

وأردف: كان المجتمع يؤمن بفكرة العمل الجماعي العمل بضمير رضاء المعبود. وكانت طبقة العمال تتكون من 'العمال والحرفيين'، توجد هوة كبيرة في الثروة بين العمال وأصحاب الطبقات العليا، واتضح ذلك في حجم منازلهم حيث كان منزل العامل في اللاهون في الدولة الوسطي ما بـين 50 و80 مترا مربعا ومنازل العمال في دير المدينة كانت تتراوح ما بين 80 و160 مترا مربعا. وعندما كانت تستاء أحوال العمال كان رؤساؤهم ينضمون إليهم في طلباتهم الاحتجاجية.

نظام العمل في مصر القديمة

وقال: نظام العمل في مصر القديمة كان صارما وصعبا إلى حد ما مما جعل المؤرخ 'هيرودوت' يشير خطأ بأن المصريين استخدمهم الملوك في السخرة، موضحا أن التأخير عن العمل أو المشي مبكرا كان جريمة خطيرة ويعاقب العامل بالحبس ستة أشهر أو العمل بالسخرة أو الغرامة، وفي بردية بمتحف بروكلين تتحدث عن سجن امرأة عاملة في طيبة لأنها تركت عملها المكلفة به وهربت خارج البلد ولكن بسبب ظروف مرض احد أعضاء أسرتها تم إعفاؤها من السجن.

وأشار إلى أن كان حقا العمل للجميع وللمرأة التي كانت تشارك الرجل في كل شيء، وكان هناك نظاما يكفل للعمال حقوقهم ومواقيت للعمل وتنظيم الإجازات وهناك قطعة حجرية من دير المدنية بالمتحف البريطاني تعتبر أول سجل غياب وحضور في العالم عليها أسماء لحوالي ٤٥ من العمال وعدد أيام العمل وأسباب الغياب عن العمل وكانت الإجازات احيانا تكون مدفوعة الآجر أذا كان العذر مقبولا ومنها اعتلال مزاج الزوجة وتقديم القرابين وزيارة مقبرة والده.

دفتر الحضور والانصراف

وألمح كذلك إلى دفتر موجود بالمتحف البريطاني مصنوع من الحجر الجيري ويرجع تاريخه لعصر الاسرة التاسعة عشر حوالى 1213 قبل الميلاد عصر الملك رمسيس الثاني وتحتوى على سجل حضور وتغيب للعمال العاملين بدير المدينة مدون عليها أسماء العمال الحاضرين في الحضور والانصراف إلى  جانب كشف بأسماء المتغيب وسبب الغياب والسجل مكتوب بالمداد الأحمر.

وأوضح أن السجل مدون فيه أن العامل انحور خاوى غاب في الشهر الرابع من فصل الربيع اليوم السابع عشر وسبب الغياب معاونة زوجته بسبب الحيض. وكان من الأسباب التي منحها قانون أجدادنا المصريين تغيب العامل بالدولة وحصوله على إجازة مدفوعة الأجر هو العناية بزوجته التي تمر بفترة الحيض حيث يقوم هو بالمساعدة في شؤن المنزل، وأعطى له الحق في إجازة يوم كل عشرة أيام عمل بجانب إجازات الأعياد الدينية التي وصلت ٤٢ يوما.

فكرة التأمين الصحي عند المصري القديم

واختتم بالإشارة إلى أن المصري القديم عرف فكرة التأمين الصحي ويظهر ذلك من سجلات منطقة دير المدينة التي سكنها العمال القائمين على حفر قبور ملوكهم في وادى الملوك فقد تم اكتشاف أن هؤلاء العمال كانوا يتمتعون بنظام رعاية صحية حكومي ويظهر ذلك من سجلات تثبت صحتهم الجيدة بل وكانوا يأخذون يوم راحة مدفوعة الأجر لإجراء فحوصات طبية وشهد ديودور الصقلى أحد المؤرخين أن المجتمع المصري كان يتيح لأفراده حق العلاج المجاني حتى في أثناء الحملات الحربية أو الرحلات داخل البلاد وذلك لأن الأطباء كانوا يتقاضون معاشهم من الحكومة.

بعد ترميمها.. عرص أول وأكبر بردية بالخط الهيراطيقية في سقارة

زاهي حواس: مدير المتحف البريطاني «حرامي» سرق أعظم بردية مصرية .. فيديو

السوبرانو أميرة سليم تكشف كواليس أنشودة ميروت إيك.. فيديو

زاهي حواس يلتقي وفد إسباني رفيع المستوى أمام تمثال أبو الهول