توقعات أسعار النفط خلال 2023

أنهت أسعار النفط عام 2022 على ارتفاع مسجلًا ثاني مكسب سنوي على التوالي، على الرغم مما شهدته الأسعار من التقلبات الحادة على مدار العام الماضي، حيث بدأ العام على بمكاسب قوية على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية ولكن حد المكاسب اجراءات الاغلاق الصارمة في الصين وعدم اليقين الاقتصادي المتصاعد.

ولكن من شأن تخفيف قيود كوفيد 19 في الصين وكذلك الحد الأقصى للسعر الذي تم فرضه مؤخرًا على الخام الروسي أن يحافظ على أسعار النفط مدعومة في عام 2023، وعلى الرغم من ذلك، فإن المخاوف حيال النمو الاقتصادي العالمي تلقي بظلالها على أذهان المستثمرين.

وبالنظر إلى عام 2023 هناك بعض الأشياء التي يجب وضعها في الاعتبار، أولاً، أكدت الولايات المتحدة أنها ستبدأ في تجديد احتياطياتها البترولية الاستراتيجية (SPR) بسعر يتراوح بين 68 دولار و 72 دولار، وهذا يعني أنه قد يكون هناك سبب آخر للدعم في المستقبل، ثانيًا، على الرغم من رد الفعل على إعادة فتح التجارة الصينية حتى الآن إلا إنه من المحتمل أن يكون خطر الركود قد أثر بالفعل في سعر النفط الخام مما يعني أنه قد يكون هناك مجال للتفاؤل في الربع الأول من عام 2023 إذا أظهرت البيانات الاقتصادية مرونة أكبر من التوقعات، ونتيجة لذلك، فإن التوقعات العامة للربع الأول هي استمرار النفط في اتجاهه الهبوطي ولكن بقدرة منخفضة، على غرار ما رأيناه في الربع الرابع من عام 2022.

وجهات نظر متفائلة بشأن أسعار النفط

يقول أحد خبراء السوق المتخصصين: 'إنه متفائل قليلاً فيما يتعلق بأسعار  تداول النفط لعام 2023 نظرًا لتصريحات الولايات المتحدة التي قالت إنها ستجدد احتياطياتها الاستراتيجية عندما يتم تداول النفط في نطاق يتراوح بين 68 و 72 دولار، لذلك هناك مشتر قوي في هذه المنطقة، علاوة على ذلك، توجد الصين التي من المرجح أن تفتح أبوابها في عام 2023، وبالتالي فإن زيادة الطلب من الصين ستؤثر بشكل إيجابي على أسعار النفط، ونتيجة لذلك فإن خط الأساس لنفط غرب تكساس الوسيط هو مواصلة التداول فوق 72 دولار للبرميل خلال 2023'.

ومع ذلك، أشار إلى أن وصول الركود العالمي يمثل حالة هبوطية للنفط، لكنه قال إن الحالة الصعودية لا ترى ركودًا في الولايات المتحدة، كما أن إعادة فتح الصين يجعل الكثيرون متفائلين، بالإضافة إلى ذلك موقف العرض المشدد من قبل أوبك يمكن أن يُذهب النفط الخام إلى ما فوق 100 دولار في هذا السيناريو، بشكل عام، هناك تفاؤل بالإجماع بالأسعار الحالية ولكن الخطر السلبي هو الركود الاقتصادي.

من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 115 دولار للبرميل خلال 2023، حيث تؤدي إعادة فتح الصين بعد ثلاث سنوات من سياسة صفر كوفيد إلى زيادة الطلب على النفط مرة أخرى، من المرجح أن ينخفض استهلاك النفط الصيني في ديسمبر ويناير بمقدار 750 ألف برميل يوميًا و 500 ألف برميل يوميًا على التوالي، بعد ذلك، سيرتفع الطلب في أواخر الربع الأول من عام 23 وخلال بقية العام ليطلق العنان لـ 700 ألف برميل يوميًا من نمو الطلب المكبوت على النفط خلال 2023 مقابل مستويات 2022، حيث يزيد المستهلكون السفر والإنفاق في الداخل والخارج، وتقدر السلطات الصينية أن ترتفع عدد الرحلات خلال موسم رأس السنة القمرية إلى الضعف مقارنة بعام 2022 لتبلغ قرابة ملياري رحلة.

هناك المزيد أيضًا من المعنويات الصعودية للنفط، حيث سيعمل مزيج من انخفاض المعروض من النفط الروسي وخفض المعروض من أوبك بلس على تضيق سوق النفط العالمية خلال عام 2023، لهذا من المتوقع أن نري عجزًا متزايدًا على مدار العام مما يشير إلى أن أسعار النفط يجب أن ترتفع عن المستويات الحالية، لهذا من يعتقد الكثير من المحللين أن يتجاوز خام برنت 100 دولار للبرميل خلال عام 2023، ولكن هناك حالة من عدم اليقين المتزايد نظرًا للوضع الجيوسياسي واتجاه الاقتصاد العالمي.

نظرة هبوطية على أسعار النفط

ومع ذلك، يقول أحد محللي سوق السلع إن توقعات أسعار النفط خلال عام 2023 لا تزال هبوطية نظرًا لتراكم العوامل الهبوطية منذ بضعة أشهر، حيث سيكون التباطؤ في الاقتصاد الصيني هو القوة الدافعة في إنشاء توقعات هبوطية، فمعدلات استخدام المصافي في الصين أقل أيضًا من السنوات السابقة ومبيعات التجزئة منخفضة والدافع الائتماني ضعيف ولا يظهر مؤشر الازدحام أي أمل، في حين أن التنقل في بكين وقوانغتشو لا يزال 45% و 35% أقل من العام السابق.

ومن جهة أخري، خفضت أوبك تقديراتها للطلب لعام 2023، من زيادة متوقعة قدرها 2.55 مليون برميل يوميًا في عام 2022 إلى 2.25 مليون برميل يوميًا، وقد نشهد مزيدا من التراجع في الطلب على النفط.

كما قلصت أغلب المؤسسات الاقتصادية والبنوك العالمية من توقعاتها لمعدلات النمو العالمية خلال 2023، وأرجعت ذلك إلى السياسات النقدية التشديدية للسيطرة على مستويات التضخم، وجاء في المقدمة البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي رفع سعر الفائدة لمستويات قياسية، وقد أثر ذلك بالفعل على العديد من الأنشطة الاقتصادية مع احتمالية دخول الاقتصاد إلى مرحلة الركود، وهذا بدوره سيؤثر على معدلات الطلب العالمية على النفط.

لقد أثار رقم مؤشر أسعار المستهلكين الأخير في الولايات المتحدة الكثير من الأخبار وردود الفعل الإيجابية للغاية في الأسواق، ولكن إذا نظرنا عن كثب، فلن نجد أن التضخم آخذ في الانخفاض ولكن فقط معدل الزيادة في التضخم يبدأ في التباطؤ بينما لا نزال أعلى من السنوات السابقة، من المتوقع أن ترتفع نسبة البطالة في الولايات المتحدة بنسبة 1% ويكاد يكون من المستحيل حدوث ذلك دون التسبب في ركود، الأمر الذي سيلقي بظلاله سلبًا على أسعار النفط.

سيظل الطلب من الأسواق الناشئة تحت الضغط بسبب ارتفاع الدولار وقوته، بينما يستمر الضغط على الجبهة الخارجية في الازدياد حيث وصلت تكلفة خدمة الديون للعديد من الدول النامية إلى أعلى مستوياتها منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مما سيؤثر على نموها الاقتصادي وبالتالي الطلب على النفط.

الشعور العام صاعد على أسعار النفط

مما لخصه هؤلاء المحللون، فإن المعنويات العامة تميل نحو توقعات صعودية لأسعار النفط في عام 2023، ومع ذلك، من المرجح أن تستمر العوامل الهبوطية بما في ذلك الركود العالمي في التأثير على أذهان المستثمرين كما هو موضح أيضًا.

علاوة على ذلك، اتخذ بنك جولدمان ساكس موقفًا صعوديًا بشكل عام للسلع وتوقع أنه سيكون أفضل فئة من الأصول أداءً في عام 2023، حيث يمنح المستثمرين عوائد بنسبة 43%، وفي تقرير توقعات السلع لعام 2023 للبنك، قال الاستراتيجيون أيضًا إن الربع الأول من العام قد يكون مخيبًا للآمال أكثر من بقية العام بسبب التباطؤ الاقتصادي المتوقع.

البرلمان يوافق نهائيا على تعديل قانون البحث عن البترول في شمال سيناء