حكم صيام الكفارة والنذر مع صيام رمضان.. الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية على موقعها الرسمي، سؤالا حول حكم صيام الكفارة والنذر مع صيام رمضان، وقال السائل خلال سؤاله، أنا عليَّ صيام بعض أيامٍ مِن كفارةِ يمينٍ، وأيضًا نذرتُ لله تعالى أَنْ أَصوم ثلاثةَ أيام، فدخل عَليَّ شهر رمضان، فعَقَدتُ النِّيَّة على صوم رمضان وأيضًا صوم الكفارة والنذر اللذين في ذمتي، فهل صيامي هذا صحيحٌ أو لا؟

أجاب المفتي الدكتور شوقي إبراهيم علام  على الفتوى، التي وردت على الموقع الرسمي لدار الإقتاء المصرية عن حكم صيام الكفارة والنذر مع صيام رمضان.

حكم صيام الكفارة والنذر مع صيام رمضان

لا يجوز للصائمِ في رمضان أَنْ يجمع مع نيةِ صوم رمضان نيةَ صوم واجب آخر، كالكفارة والنذر، فإنْ فَعَل وجَمَعَ بين النيتين في صوم رمضان: فيقع صومه عن رمضان فقط، لأنَّ زمان رمضان مُتعينٌ لصوم رمضان، ولا يَسَعُ صِيَامَ غيرِهِ، على ما ذهب إليه فقهاء الحنفية.

ويجب على الصائم بعد انتهاء شهر رمضان وفاءُ النَّذْر وصومُ الكفارة.

مذاهب الفقهاء في حكم إدخال نية صيام الكفارة والنذر مع رمضان

من الصومِ الواجبِ: صوم رمضان، والنذور، والكفارات، وإذا كان الصوم في حقيقته صورة واحدة، وهي: الإمساك عن المفطرات- إلَّا أنَّ الذي يَفْرِق بين هذه الأنواع هو النية.

وقد ينوي المكلَّف أداء العبادة الواحدة بأكثر من نيةٍ -وهو ما يُسَمِّيه العلماء 'تشريك النية'-، فإذا كانت العبادتان واجبتين، كأَنْ ينوي الصيام بنيةِ أداء رمضان وبنية الكفارة أو النذر، فقد نَصَّ جمهور الفقهاء مِن المالكية، والشافعية، والحنابلة: على أنَّه لا يجوز أَنْ يجمع مَع صيام رمضان صيام واجب آخر، كصوم قضاءٍ أو كفارةٍ، أو نذرٍ، كما في 'منح الجليل' للعلامة عليش المالكي (2/ 161، ط. دار الفكر)، و'المجموع' للإمام النووي الشافعي (6/ 299، ط. دار الفكر)، و'كشاف القناع' للعلامة البُهُوتي الحنبلي (2/ 359، ط. دار الكتب العلمية).

ومُدْرَكهم في ذلك: أنَّ صوم رمضان واجبٌ، فإذا جَمَع في نيته صومًا واجبًا آخر، فقد حَصَل التشريك بينهما، والقاعدة أنَّه: 'لا يجوز التشريك بين فَرْضين'، كما نَصَّ على ذلك الإمام السيوطي الشافعي في 'الأشباه والنظائر' (ص: 23، ط. دار الكتب العلمية).

مذهب الحنفية في صيام الكفارة والنذر مع صيام رمضان

أَمَّا فقهاء الحنفية فيرون أَنَّ الصائم إذا كان مقيمًا صحيحًا، ونَوَى مع صوم رمضان صوم واجب آخر، كصوم الكفارة، أو النذر، فإنه يقع عن رمضان، وإذا كان مسافرًا، فيرى الصاحبان: أنَّه يقع عن رمضان، ويرى الإمام أبو حنيفة: أنَّه يقع عن الواجب الذي نواه.

قال الإمام الكاساني الحنفي في 'بدائع الصنائع' (2/ 84، ط. دار الكتب العلمية): [لو صام رمضان بنيةِ واجبٍ آخر مِن القضاء، والكفارات، والنذور: يقع عن رمضان عندنا.. هذا الذي ذكرنا في حَقِّ المقيم، فأَمَّا المسافر: فإن صام رمضان بمطلق النية، فكذلك يقع صومه عن رمضان بلا خلافٍ بين أصحابنا، وإن صام بنية واجب آخر يقع عَمَّا نَوَى في قول أبي حنيفة. وعند أبي يوسف ومحمد: يقع عن رمضان] اهـ.

ومعنى هذا: أنَّ الصومَ في هذه الحالة صحيحٌ، سواء كان مقيمًا أو مسافرًا، غايةُ الأمر هو الخلاف في صفةِ وقوعه إذا كان مسافرًا.

وعلةُ تصحيحِ الصوم في هذه الحالة: أَنَّ الصائم إذا نوى مع صومِ رمضانَ صومًا واجبًا آخر، فإنه قد نوى الأصلَ، وهو رمضان، ونوى الوصفَ، وهو الواجبُ الآخر، والوقتُ الذي نوى فيه الأصل والوصف معًا قابلٌ للأصلِ، أي: يصح إيقاعه فيه، وغير قابلٍ للوصفِ، أي: لا يصح إيقاعه فيه، فبطُلَت حينئذٍ نيةُ الوصفِ، وبَقِيَت نيةُ الأصلِ كما هي، كما أفاده العلامة البابرتي الحنفي في 'العناية شرح الهداية' (2/ 310، ط. دار الفكر).

الخلاصة

بناءً على ذلك: فلا يجوز للصائمِ في رمضان أَنْ يجمع مع نيةِ صوم رمضان نيةَ صوم واجب آخر، كالكفارة والنذر، فإن فَعَل وجَمَعَ بين النيتين في صوم رمضان: فيقع صومه عن رمضان فقط؛ لأنَّ زمان رمضان مُتعينٌ لصوم رمضان، ولا يَسَعُ صِيَامَ غيرِهِ، على ما ذهب إليه فقهاء الحنفية.

وفي واقعةِ السؤال: فصيامُكَ صحيحٌ عن رمضان، ويجب عليك بعد انتهاء شهر رمضان وفاءُ النَّذْر وصومُ الكفارة.