حيثيات الإعدام على قاتل نيرة أشرف.. المحكمة تطلب إذاعة الحكم على الهواء
أودعت محكمة الجنايات المنصورة، برئاسة المستشار بهاء الدين المري، حكمها بالإعدام علي محمد عادل المتهم بقتل الطالبة نيرة أشرف الطالبة بجامعة المنصورة وحيث إن النيابة العامة اتهمت محمد عادل بقتل المجني عليها نَـيِّرة أشرف أحمد عبد القادر عمدًا مع سبق الإصرار، بأن بَيَّت النية وعقد العزم على قتلها، انتقامًا منها لرفضها الارتباط به، وإخفاق محاولاته المتعددة لإرغامها على ذلك، حيث وضع مُخططا لقتلها، حَـدد فيه ميقات أدائها امتحانات نهاية العام الدراسي بجامعة المنصورة مَوعدا لارتكاب جريمته، ليقينه من وجودها بها، وعَيَّن يومئذ الحافلة التي تُقلها وركبها معها مُخفيًا سكينًا بين طيات ملابسه، وتَتبعها حتى ما أن وصلت أمام الجامعة، باغتها من ورائها بعدة طعنات سقطت أرضًا على إثرها، فوالَي التعدي عليها بالطعنات ونَحَـر عُنقها قاصدًا إزهاق رُوحها خلال محاولات البعض الذود عنها، وتهديده إياهم، مُحدثًا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالتحقيقات.
وحيث إنَّ الوقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة، واطمأنَّ إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها، مُستخلصة من سائر أوراق الدعوى وما تمَّ فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المُحاكمة، تتحصل في أن المتهم محمد عادل محمد إسماعيل عوض، وهو طالب جامعي، بالفرقة الثالثة بكلية الآداب جامعة المنصورة، يَشهد له تَفوقه الدراسي - وزملاؤه - بالذكاء المتقد، فكان من أوائل دُفعته في عامَيه الجامعيَـين الأول والثاني، تفوقًا بلــغ حـَـد استعانة زملائـه به في أبحاثهم العلميـة، فتواصَـل معـه كثيرٌ من زملائه وزميلاته بالجامعـة.
وكـدأب زملائها تَعـرفت عليه المجني عليها - زميلته بالفرقة الثالثة - نَيرة أشرف أحمد عبد القادر خلال العام الجامعي 2020 واستعانَت به كغيرها من زملائه ليَمُدها بمثل هذه الأبحاث، غير أنه بخيال أناني فاسد ظن ظنًا خاطئًا أنها أحبَّته، وتملكه هوًىً مَسعورًا أوهمَ به نفسه زورًا وبُهتانًا بهذا الــــــزَّعم الزائف، واستمر في التقرُب منها والتودُد إليها حتى أبدى رغبته في الارتباط بها قُـبَيل امتحانات العام الجامعي 2021 لكنها رفضَته وانصرفت عنه، فراح يُلاحقها برسائله عبر حسابات مُسجلة باسـمه على بعــض مواقع التراسل الاجتماعي من الهاتفين النقالين الخاصين به رقمي 01007542850 / 01125190390، وتَملكه إحساسٌ جارف بحُب التملك وأخذ يُلاحقها بمَعسول الكلام تارةً، مثل قوله نصًا: 'أنا محتاجلك أوي، أوعدك حتشوفي إنسان جديد، أنا اتغيرت جامد الفترة اللي فاتت، عملت حاجات غلط كتير بس عملت حاجات أحلى، طب والله وحشتيني، ووحشني صوتك' وبالتهديد تارةً أخرى مثل قوله نصًا: 'بتاعتي وبس يا روح أمِّك، بمزاجك أو غصب عنك، ومفيش مَخلوق حيلمس شَعرة منك غيري، ومفيش دكر هييجي ناحيتك، يبقى حَد كدة يقربلك، أو انتي تقربي لحد، إنت لازم تسمعيني لو غصب عنك'. وأخذ يُلاحقها بفُحش القول لحظرها حساباته لمنع استقبال أحاديثه ورسائله، ثم لم ييأس، وتقدم لخِطبتها فرفضته وكذلك فَعَل أهلها، فعاد يُلاحقها في الواقع كما يُلاحقها في العالم الافتراضي؛ فاعترض طريقها قُرب مسكنها فتصدَّى له والدها وأعلن رفضه له مَرة أخرى؛ فكان هذا الرفض وقُود الوهم الذي يَعيشه وهو الحب المزعوم، مما أوغر صدره ونوَى الانتقام منها حتى لا تكون لغيره، وأخذ يهددها بالقتل برسائل يُقسم فيها بقتلها ذبحًا، فحرَّرت ضده المحاضر أرقام 108، 109 لسنة 2021 جنح اقتصادية ثان المحلة الكبرى، 1953 لسنة 2022 إداري أول المحلة الكبرى.
وحيث إنَّ الوقعة على النحو السالف بيانه قد قام الدليل على صِحتها وثُبوتها في حق المتهم محمد عادل محمد إسماعيل عوض الله، وذلك من خلال اعترافه تفصيلا بتحقيقات النيابة العامة وأمام قاضي المعارضات، وبجلسة المحاكمة، ومن تقريري الصفة التشريحية، والمعمل البيولوجي وفحص هاتف المجني عليها، وصور المحادثات المرسلة فيما بين المتهم والمجني عليها، ومن معاينة النيابة العامة لمحل الوقعة، ومشاهدتها للمقاطع المرئية الملتقطة من آلات المراقبة بمسرح الجريمة، ومن المعاينة التصـويرية ومحاكاة المتهم لارتكابه للجريمـة، وصـورة المحضـر رقم 1953 لسنة 2022 إداري أول المحـلة الكـبرى، وصـورة المحادثة المـرسلة من المتهم للشاهـدة الرابعة، ومن التقرير الطبي الشرعي بشأن إصابات المتهم، ومن شهادتي جدول نيابة ثان المحلة الكبرى.
فقد رَوى المتهم محمد عادل محمد إسماعيل عوض الله في تحقيقات النيابة العامة، مُعترفًا اعترافًا تفصيليًا تطمئن إليه المحكمة تمام الاطمئنان، لسلامة إرادته وعدم تَعرضُه لأي إكراه من أي نوع، وقد تَطابَق اعترافه هذا مع الحقيقة والواقع فقال تفصيلا إنه تَعرف على المجني عليها نَيرة أشرف أحمد عبد القادر كزميلة له في كلية الآداب جامعة المنصورة في غضون العام الجامعي 2020 وأمَدها بالأبحاث العلمية ونشأت بينهما علاقة عاطفية إلا أنها سرعان ما تنصلت منها، فحاول مِرارًا وتكرارًا أن يَستعيدها ويُقربها منه من خلال مُراسلتها عبر تطبيقات التراسل الاجتماعي، إلا أنها حظرته من الاتصال بها؛ فتقدم لخطبتها فرفضته هي وأهلها وحصلت خلافات بينهما حررت على إثرها محاضر ضده بقسم شرطة ثان المحلة الكبرى.
وكفت تحريات المقدم أحمد السيد مروان شبانة - رئيس مباحث قسم أول المنصورة - بأنَّ تحرياته السرية دلته على وجود علاقة عاطفية بين المتهم والمجني عليها منذ العام 2020 وعلى إثر قيامها بإنهاء هذه العلاقة حصلت بينهما خلافات تعَرض لها المتهم على إثرها، فحررت ضده المحاضر أرقام 108، 109 لسنة 2021 جنح اقتصادية قسم ثان المحلة الكبرى، 1953 لسنة 2022 إداري قسم أول المحلة الكبرى، فعقد المتهم العزم وبَيَّتَ النية على الانتقام منها بقتلها ثأرًا لكرامته، وفي سبيل ذلك أعد عُدته لتنفيذ جريمته؛ فاشترى سكينًا من أحد الحوانيت بمُحيط محل إقامته بالمحلة الكبرى حال كونه طباخًا ويُجيد استخدام مثل هذا السلاح الأبيض، وحددَ موعدًا للجريمة هو يوم أداء الامتحان المُقرر بكلية الآداب في 20م6/2022 فأحرز السكين بين طيات ملابسه وتبعها من موقف حافلات شركة سركيس بالمحلة الكبرى، واستقل حافلة كانت قد استقلتها من أمام مسكنها متجهة إلى جامعة المنصورة، وفور نزولها من هذه الحافلة أمام بوابة توشكي لحــق بها، واستلَّ السكين وسددَ لها عدة طعنات بالصدر والبطن، وفي تلك الأثناء حاول بعض الموجودين بمكان الحادث منعه عن موالاة طعنها بالسكين، فهددهم بإشهاره في وجوههم ليتمكن من إتمام مقصده وهو إزهاق روح المجني عليها، وتحقق له ذلك بنحرها من رقبتها، وتمكن أحد أفراد أمن الجامعة بمساعدة عدد من الأهالي من الإمساك به وضبط السكين المستخدم في الحادث، وتعدى عليه الأهالي بالضرب.
وحيث إن المتهم إذ سُئل بتحقيقات النيابة العامة - في حُضور محاميه الأستاذ محمد إبراهيم شاهين - اعترف بارتكابه الوقعة، اعترافًـا تفصيليًا على النحو الذي أسلَــفته المحكمة في إيراد مُـؤدى هذا الاعتراف كأحد أدلة الإثبات. وبجلسة المحاكمة ترافعَـت النيابة العامــة والتمَست توقيع عقـــوبة الإعــــدام على المتهم، وأُثبتت مرافعتها بمحضر الجلسة، وحضر محام عن المدعي بالحق المدني وادعى مدنيًا بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وصمَّمَ على طلباته، والمحكمة استجوَبت المتهم بعد موافقة الدفاع - الأصيل - الحاضر معه، فاعترف مُجددًا بارتكابه الوقعة بعد تفكير في قتلها ثأرًا لكرامته لمَّا نَكثَت بعهودها وابتعدت عنه حين عَمِلت 'مُـوديل' فاشترى سكينًا ونوى قتلها به، وفي يوم الحادث ركب حافلة نقل الطلاب من المحلة الكبرى إلى المنصورة الساعة العاشرة والنصف صباحًا وهو يُحرز السكين، ولمَّا وجدها من بين ركابها قرَّرَ قتلها لو سَنحت له الفرصة تنفيذًا لِما انتواه من قبل، ولمَّا وصلت الحافلة إلى جامعة المنصورة ونزلت منها سار خلفها وطعنها بالسكين. وأضاف بجلسة المحاكمة، أنه كان يُلبي جميع طلباتها بعد ارتباطهما ببعضهما إلا أنها اعتبرته مرحلة في حياتها، وأنها أثارت حفيظته وهو في الحافلة بالنظر إليه وإطلاق الضحكات غَـمزًا ولمزًا، ومن هنا فَكَّر في قتلها، وأنَّ إحرازه السكين المُستخدم في الحادث كان للدفاع عن نفســه فــيما لو دفَـعت المجــني عليها أحدا للاعتداء عليه. والدفاع الحاضر معه طلب تعديل القيد والوصف من القتل العمد مع سبق الإصرار إلى الضرب المفضي إلى الموت المؤثم بالمادة 236 عقوبات، وعَرْض المتهم على الطب الشرعي لبيان مدى سلامة قواه العقلية واتزانه النفسي، وما به من إصابات، كما طلب مناقشة شهود الإثبات السادس والثاني والعشرين والثالث والعشرين، وفحص الهاتف المحمول الخاص بالمتهم لتفريغ محادثاته مع المجني عليها إن وُجد، والتمس القضاء ببراءته مما أسند إليه تأسيسًا على انتفاء القصد الجنائي ونية القتل، وانتفاء ظرف سبق الإصرار، وتناقض أقوال الشهود وقُصور التحقيقات، وانتفاء جريمة القتل العمد بركنيها المادي والمعنوي وعدم وجود سوابق للمتهم. ولدى استشعار المحكمة التعـرض لِـعِرض المجني عليه، قــررت عقـد جلسة سـرية ليُبدي دفاعـه في هذا الصدد، فطلب مناقشة والد المجني - في هذه الجلسة السرية - الذي قال ردًا على أسئلته، إنه لم يطلب من المتهم مَساعدته في إعادة ابنته المجني عليها على أثر غيابها وإنَّ غيابها كان بمناسبة عملها في القاهرة وغيرها والذي يَعلم طبيعته، ثم استكمل الدفاع مرافعته، ولم يُصمِّم على سماع أي شهود آخرين، ولا الذين ذكرهم في بَدء مرافعته، واختتم بطلب استعمال أقصى درجات الرأفة مع المتهم.
وحيث إن المحكمة وقد تَكونَت عقيدتها بإدانة المتهم، وثبَت لديها بيقين ارتكابه لجريمته الشَنعاء بقتل المجني عليها عمدا مع سبق الإصرار، ولم يَلق دفاعه بجلسات المُحاكمة ما يُزعزع عقيدتها، وقَدَّرت عُقوبة الإعدام لفِعله الإجرامي فإنها عملا بمَفاد نص المادة 381/2 إجراءات جنائية، فقد أرسلَت أوراق الدعوى إلى فَضيلة مفتي الجمهورية لأخذ الرأي في معاقبته بالإعدام، فجاءت إجابة فضيلته على النحو التالي: 'إنه لما كان المقرر عند فقهاء الشريعة أن من تعدى على شخص باستخدام سلاح أبيض 'سكين' الذي ينجم عن فعله القتل غالبا، فذلك من قبيل القتل العمد الموجب للقصاص شرعا إعمالا لقوله تعالى: 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُــرُّ بِالْحُــرِّ وَالْعَبْــدُ بِالْعَبــْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُـفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيـهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) 'سورة البقرة'. فإذا ما أقيمت هذه الدعوى بالطرق المُعتبرة قِبَل المتهم محمد عادل محمد إسماعيل عوض الله، ولم تَظهر في الأوراق شبهة تَدرأ القِصاص عنه، كان جزاؤه الإعدام قصاصًا لقتله المجني عليها نيرة أشرف أحمد عبد القادر عمدًا جَــزاءً وفاقًا.
وحيث إنه إذ أجمَع أعضاء المحكمة على إيقاع عقوبة الإعدام بالمتهم جَـزاءً وفاقًـا لِمَا جَـنت يداه، فقد صَدر الحكم عليه بهذه العقوبة.
الأمر الذي مَعه تُـهيبُ المَحكمةُ بالمشرع، أنْ يَـتَـناولَ بالتعديلِ نَصَ المادةِ الخامسةِ والستين، من قانونِ تنظيمِ مَراكز الإصلاح والتأهيل المُجتمَعي المُنظمةِ لتنفيذِ عُـقوبةِ الإعدام؛ لِتُجـيزَ إذاعةَ تنفيذ أحكام الإعدام مُصَورةً على الهواءِ، ولو في جُــزءٍ يَسيرٍ من بَـدءِ إجراءاتِ هذا التنفيذ، فقد يكونُ في ذلكَ، ما يُحَـقــقُ الــرَّدعَ العامَ المُبتَـغَى الذي لم يَتحَقـق - بَعـد - بإذاعة مَنطوق الأحكام وَحــدَه. ﴿ويَشفِ صُدورَ قـومٍ مُؤمنين ويُذهِـبْ غيظَ قلوبهم﴾.
فلهـــذه الأســــباب- حكمت المحكمةُ حُضوريًا بإجماع الآراء، بمُعاقَبة محمد عادل محمد إسماعيل عوض الله بالإعدام عَمَّا أُسـندَ إليه، ومُصادرة السلاح الأبيض المَضبوط، وألزمته المصاريف الجنائية، وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف.
أحمد موسى يكشف لغز جمع تبرعات للدفاع عن قاتل نيرة أشرف.. فيديو
كواليس 300 ثانية في حياة قاتل نيرة أشرف داخل قفص الاتهام.. والنهاية «إعدام»