قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان إن لكل إقبال إدباراً ولكل جمع تفرقاً وكذلك سنة الله فبعد ما رأينا الحجاج يأتون من كل فج عميق وبلد سحيق ليشهدوا منافع لهم قد اختلفت لغاتهم وألوانهم وبلدانهم وأجناسهم وأعمارهم وبعد ما انقضى موسم الحج الأكبر إذ بضيوف الرحمن يودعون أفضل البقاع يودعون المشاعر وقلوبهم فياضة بالمشاعر يغادرون البطحاء ولسان حالهم يقول لك يا منازل في القلوب منازل فتتفرق الجموع في منظر مهول ومؤثر ومشهد عظيم ومعبر إن هذا التفرق بعد الحج الأكبر ليذكر بفراق الدنيا قال الله تعالى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ).
نص خطبة الجمعة من المسجد النبوي
وأضاف الشيخ البعيجان قائلاً للطاعة في النفوس أثر فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والحج مورد ومنهل للتزود من التقوى وتزودوا فإن خير الزاد التقوى فالطاعة إذا لم تقرب من الله وتبعد عن محارمه فلا شك أنها مردودة وإنما يتقبل الله من المتقين فالحرص على العمل يجب أن يصحبه حرص على القبول ألا وإن من علامات قبول الأعمال تغير الأحوال إلى أحسن حال وفي المقابل فإن من علامات الحرمان وعدم القبول الانتكاس وتغير الأحوال إلى الأسوأ نسأل الله السلامة والعافية ، فالاستقامة أساس الثبات ومكمن النجاة وميزان العدل ودليل الصدق وعلامة التوفيق والقبول عند الله ولقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم على الاستقامة وحث المؤمنين عليها وقرنها بتوحيده قال تعالى (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ )) فاستقيموا عباد الله على شرع الله كما أمرتم ولا تتبعوا سبيل الذين لا يعلمون ثم استغفروا ربكم وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم ، مؤكداً أن الأوقات كلها مواسم عبادة وإن تفاوتت واختلفت في الفضل والوظائف والعمر كله فرصة عمل وطاعة وكل يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها وكل ميسر لما خلق له فأطنوا أنفسكم على الطاعة واستعينوا عليها بالتوبة والاستغفار والأوبة والانكسار ومراقبة الواحد القهار في السر والنجوى في الليل والنهار .
فضل الصلاة
واختتم إمام وخطيب
المسجد النبوي الخطبة بقوله إن أعظم قربة وأفضل عبادة وأوجب طاعة أداء الفرائض والواجبات وأعظم الفرائض والواجبات أركان الإسلام وأمهات الأحكام الصلاة والزكاة والحج والصيام وقد بني الإسلام على أركان عليها عماده فهي أساسه وعليها مداره وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال جاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ نَجْدٍ ثائِرُ الرَّأْسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ ولا نَفْقَهُ ما يقولُ حتَّى دَنا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فإذا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلامِ فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ : خَمْسُ صَلَواتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ فقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قالَ: لا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ وصِيامُ شَهْرِ رَمَضانَ فقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ فقالَ: لا إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ وذَكَرَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الزَّكاةَ فقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُها؟ قالَ: لا إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ قالَ: فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهو يقولُ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا ولا أنْقُصُ منه فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ .