دار الإفتاء المصرية : زوجة «الظواهري» أسست لـ «جهاد المرأة» وفتاوى «عبد الله عزام» رسخته

أكد المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم فتاوى المؤسسات الدينية الرسمية اهتمت بتصحيح المعلومات المغلوطة بشأن حقوق المرأة ودعم جهود الارتقاء بأوضاعها، في الوقت الذي استخدمت فيه التنظيمات الإرهابية فتاوى المرأة لتهميشها وحصر دورها في تحقيق مصالح تخدم أيديولوجيات هذه التنظيمات.

وفي ذكرى اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس من كل عام رصد المؤشر العالمي للفتوى ما يقرب من 5000 فتوى خاصة بالمرأة صادرة عن مؤسسات إفتائية رسمية، وفتاوى متداولة في الغرب، وفتاوى التنظيمات الإرهابية؛ للكشف عن رؤية كل طرف للمرأة ودورها في المجتمع.

وقد اهتم المؤشر العالمي للفتوى بتفصيل نسب الفتاوى المتعلقة بحقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كاشفًا تفوق فتاوى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، التي جاءت نسبتها (60%) على المستوى الرسمي، و(95%) بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، و(75%) في الغرب. فيما مثلت فتاوى الحقوق السياسية؛ (40%) على مستوى الفتاوى الرسمية، و(25%) بالنسبة للغرب، و(5%) فقط في فقه التنظيمات الإرهابية وحصرها في مفهوم "الجهاد".

فتاوى المؤسسات الرسمية.. دعم وتكريم للمرأة

وأكد مؤشر الفتوى على الدور الداعم لجهود الارتقاء بأوضاع المرأة وتصحيح الأفكار المغلوطة بشأنها الذي تبذله المؤسسات الإفتائية الرسمية في الدول العربية والإسلامية، فبنسبة (90%) جاءت فتاوى المؤسسات الرسمية لبيان حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

حيث بلغت نسبة فتاوى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية (60%) من إجمالي فتاوى المرأة لهذه المؤسسات؛ شملت حق المرأة في العمل والتعليم والعيش الكريم، والسفر، واستقلال ذمتها المالية، إلى جانب تصحيح عدد من المفاهيم المغلوطة وتجديد الفكر الديني المتعلق بالمرأة ومعاملاتها، وخرجت أبرز هذه الفتاوى عن دار الإفتاء المصرية التي أوضحت التعريف الصحيح للاختلاط، بقولها: "الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس والجامعات وغيرهما لا مانع منه شرعًا ما دام كان ذلك في حدود الآداب والتعاليم الإسلامية".

كما شدد عدد من فتاوى دور الإفتاء العربية على استقلال ذمة المرأة المالية وثباتها بحكم الشريعة الإسلامية، ومنها فتوى دار الإفتاء التونسية، التي تضمنت: "ضرورة التمسك بما قرره الإسلام من خلال كتاب الله عز وجل وسنّة رسـول الله صلى الله عليه وسلم من المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، خاصة الحقوق المالية للمرأة وحرية تصرفها الكامل ما دامت رشيدة وليس لأي كان أن يتصرف نيابة عنها أو أن يعتدي على حقوقها الطبيعية".

وفتوى مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيري بدبي الدكتور "أحمد بن عبد العزيز الحداد"، التي تضمنت: "لا يجوز للزوج شيء فيما تملكه الزوجة إلا ما تطيب نفسها به، من غير استحياء ولا إكراه حقيقي أو معنوي، وليس للزوجة شيء في مال زوجها إلا ما يقتضيه عقد النكاح من مهر ونفقة ومتعة".

وفيما يتعلق بفتاوى حقوق المرأة السياسية أكد المؤشر العالمي للفتوى إنها بلغت (40%) من إجمالي فتاوى المرأة؛ دعمت حق المرأة في الانتخاب والترشح ومساواتها الكاملة مع الرجل، وبيان حكم توليها الولاية العامة، والتي كان على رأسها فتوى دار الإفتاء المصرية التي أجازت تولي المرأة المناصب القيادية بما في ذلك منصبي القضاء والرئاسة، متضمنة: "يحق للمرأة أن تتولى هذا المنصب في ظل المجتمعات الإسلامية المعاصرة على غرار تولي بعض النساء المسلمات للحكم في بعض الأقطار الإسلامية في أزمنة مختلفة، ولا يقدح في توليها الحكم ما نُقل في التراث من إجماع العلماء على منع المرأة من تولي الولاية الكبرى، لأن مطلق الحكم مغاير لمفهوم الخلافة".

وفتوى دار الإفتاء الأردنية التي تضمنت: "لا حرج في التصويت للمرأة لشغل العضوية في مجالس النواب أو المجالس البلدية، فليس ثمة دليل ينهى عن ذلك".

فتاوى المرأة لدى التنظيمات لإرهابية تدعم تهميشها وتجعلها "ظلًّا للرجل"

"الرجال قد فُضلوا عليهن درجة، وهذه الدرجة فيها من رجاحة العقل، والرصانة، والحكمة، والحلم، والأناة، والمروءة، وسعة الصدر والصبر ما لا تملكه النساء فهن ناقصات العقل والدين".

أكد المؤشر العالمي للفتوى على أنه بهذه العبارة وغيرها من العبارات المشابهة؛ طوعت التنظيمات الإرهابية الفتوى لتهيئة المرأة نفسيًّا وعقليًّا للتخلي عن مختلف حقوقها وتأقلمها مع كونها أداة لخدمة التنظيم، لينحصر دورها في: خدمة الشخص الإرهابي سواء أكان زوجًا أو أبًا أو أخًا، وتنشئة الأبناء على أهداف وأفكار التنظيم بهدف خلق جيل إرهابي جديد يعوض من يقتل من أتباع التنظيم، أو المشاركة بنفسها في العمليات الإرهابية وتحريض غيرها من النسوة.

فقد بلغت نسبة الفتاوى المرتبطة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمرأة (95%) من إجمالي فتاوى المرأة لدى التنظيمات الإرهابية؛ ركزت على موضوعات الزواج، والطاعة، والقوامة، والاعتماد على التفسير السطحي والمغلوط لهذه المفاهيم، ونزع حق المرأة في اختيار الزوج، أو تحديد سن الزواج، ومن ذلك ما ورد بصحيفة "النبأ" عدد مايو 2016 في مقال بعنوان "طاعة المرأة لزوجها عبادة واجبة"، متضمنًا: "كيف تجرؤ امرأة أن تنافس الزوج وتزاحمه فيما أعطاه الله إياه من حقوق القوامة عليها، وولايته لأمرها وأمر أولاده".

وهذا التهميش لدور المرأة يشمل تجريدها من حقها في التعليم والعمل وعدم مساواتها مع الرجل في هذا الحق، على نحو ما ورد بمجلة "ابنة الإسلام" التابعة لتنظيم "القاعدة" عدد نوفمبر 2019، بقولها: "المساواة المطلقة في مناهج التعليم وأنواعه وفي شروط التوظيف والتعليم المهني .. وتشجيع التعليم المختلط، تخالف الفطرة السليمة، وقواعد الشريعة الإسلامية، والفروقات الفسيولوجية تقتضي أن تختلف مناهج التعليم في الأمور التي تؤثر فيها هذه الاختلافات الفسيولوجية، كالأعمال الشاقة للمرأة. أما التعليم المختلط للبالغين فهو حرام شرعًا".

كما كشف المؤشر العالمي للفتوى عن العدد الكبير للفتاوى المحرضة على العنف ضد المرأة لدى التنظيمات الإرهابية والتي منها: إجازة ختان الإناث، والزواج المبكر، والعنف البدني ضد المرأة، والسبي الذي يبرع فيه تنظيم "داعش" مفتيًا بأن: "المتتبع لكلام أهل العلم بمختلف مذاهبهم الفقهية يجدهم .. يتفقون على جواز استرقاق جميع أصناف النساء، كتابيهم ومجوسيهم ووثنيهم، عربًا كانوا أو عجمًا".

وأخيرًا لم تتعدى نسبة فتاوى حقوق المرأة السياسية لدى التنظيمات الإرهابية (5%)، الأمر الذي يتوافق بصورة تامة مع فكر هذه التنظيمات الذي يحصر دور المرأة السياسي في القيام بالعمليات الإرهابية، وهو الأمر الذي أسست له زوجة أمير تنظيم "القاعدة" "أيمن الظواهري" في رسالة وجهتها لنساء التنظيم عام 2009، ورسختها فتاوى "عبد الله عزام" بإجازته "خروج المرأة للجهاد دون إذن زوجها".

فتاوى المرأة في الغرب.. ووجوب مواكبة تغير الزمان والمكان

أكد المؤشر العالمي للفتوى على ما تتمتع به المرأة في الغرب من حقوق اجتماعية واقتصادية وسياسية، وأن الفتوى في هذه المجتمعات يجب أن تكون على نفس القدر من المواكبة وهو ما يوجب وجود مفتين على قدر كبير من العلم والاجتهاد، حتى لا يؤدي لاصطدام الفتوى بالمجتمع.

حيث كشف المؤشر العالمي للفتوى أن فتاوى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمرأة في الغرب بلغت النسبة الأكبر من إجمالي الفتاوى حوالي (75%)، مؤكدة على حق المرأة في التعليم والعمل مع الالتزام بالحجاب الشرعي، واستقلال الذمة المالية للمرأة، وحق المرأة في نفقة زوجها عليها والاحتفاظ بما تكتسبه من أموال.

فيما أبرز المؤشر العالمي للفتوى بعض المشكلات التي تواجه فتاوى المرأة في الغرب، والتي منها: خروج بعض الفتاوى غير المواكبة للواقع مثل التي وجوب "النقاب"، أو إنكار خروج المرأة للعمل في ظل وجود الرجال. إلى جانب تعارض بعض القوانين الأوروبية مع بعض تعاليم الإسلام، مثل: تعدد الزوجات، والميراث.

فيما بلغت نسبة الفتاوى المتعلقة بحقوق المرأة السياسية (25%) من إجمالي الفتاوى المتداولة في الغرب، خاصة وأن المرأة في الغرب تتولى فعليًّا المناصب القيادية لذا فمن غير المنطقي الخروج بفتاوى تحرم تولي المرأة لهذه المناصب، وهو ما يبرز الحاجة لفتاوى مفصلة بشأن هذه الأمور لتجنب شعور مسلمي الغرب بالتناقض أو الاغتراب.

وفي الختام أشادت وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء، بالجهود المضنية التي تبذلها المؤسسات الإفتائية الرسمية؛ العربية والإسلامية للارتقاء بأوضاع المرأة. وأهمية دعم مختلف المؤسسات خاصة الإعلامية والتعليمية لهذه الجهود للقضاء على الأفكار السلبية لمتعلقة بالمرأة. مع منح فتاوى المرأة في الغرب المزيد من الأهمية والحرص على مواكبتها للواقع.