شبح الحرب يطرق أبواب أوروبا.. لماذا تحذيرات المسئولين الأوروبيين؟
خلال الأشهر الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الصادرة عن مسؤولين أوروبيين بشأن ضرورة استعداد المواطنين لاحتمال اندلاع حرب مع روسيا، في خطاب غير مألوف يعكس تنامي القلق الأمني داخل القارة، وذلك بالتزامن مع استمرار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وبات من النادر أن يمر أسبوع دون صدور تصريحات من حكومة أوروبية أو قائد عسكري أو أمني تحذر الرأي العام من سيناريو مواجهة عسكرية محتملة مع موسكو، وهو ما وصفته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية بأنه «تحول نفسي عميق» في قارة أعادت بناء نفسها بعد الحربين العالميتين على أساس التعايش والازدهار الاقتصادي المشترك.
وفي هذا السياق، أثار المستشار الألماني فريدريش ميرتس جدلا واسعا خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعدما شبّه استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا بما قام به أدولف هتلر عام 1938 عند ضم إقليم السوديت ذي الأغلبية الألمانية في تشيكوسلوفاكيا، قبل التوسع لاحقا في احتلال أجزاء واسعة من أوروبا.
وتزامنت هذه التصريحات مع تحذيرات أطلقها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، أكد فيها أن «الحرب باتت على الأبواب»، داعيا الأوروبيين إلى الاستعداد لصراع شبيه بما واجهه أسلافهم، مشيرا إلى أن روسيا قد تكون قادرة على استخدام القوة العسكرية ضد دول الناتو خلال السنوات الخمس المقبلة.
كما انضم رئيس أركان الجيش الفرنسي إلى موجة التحذيرات، محذرا من أن فرنسا ليست بمنأى عن الخطر، وأن عليها الاستعداد لتحمل خسائر بشرية في حال وقوع مواجهة عسكرية.
وتزايدت مشاعر القلق في العواصم الأوروبية مع مساعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، إذ تخشى دول أوروبية من أن يتم فرض اتفاق سلام غير متكافئ على كييف، يجعلها عرضة لهجوم روسي جديد في المستقبل.
وتتعزز هذه المخاوف مع تصاعد القلق من التوجه «الانعزالي» للإدارة الأميركية، واحتمال عدم استجابة واشنطن لنداءات دعم أوروبا في حال تعرضها لهجوم مباشر.
وفي هذا الإطار، نصت استراتيجية الأمن القومي الأميركية، التي نُشرت هذا الشهر، على أن الولايات المتحدة تسعى لمنع اتساع رقعة الحرب في أوروبا وإعادة الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا، من دون تصنيف موسكو كـ«عدو» للمرة الأولى منذ سنوات.
وعلى النقيض من ذلك، جاء التقييم السنوي للتهديدات في بريطانيا بنبرة أكثر تشددا، إذ حذرت رئيسة جهاز الاستخبارات الخارجية (MI6) بلايز متريولي من أن روسيا ستواصل محاولاتها لزعزعة استقرار القارة الأوروبية.
وتعكس هذه الرسائل تغيرا جذريا في الخطاب الأوروبي، إذ تأسس الاتحاد الأوروبي بدعم أميركي بهدف منع تكرار الحروب الشاملة التي عصفت بالقارة في القرن العشرين، ما أدى إلى تقليص الإنفاق العسكري لصالح تعزيز برامج الرفاه الاجتماعي.
غير أن مسؤولين وسياسيين أوروبيين يرون أن إعادة ترسيخ العقلية العسكرية لدى الرأي العام تمثل تحديا كبيرا، خاصة في ظل نتائج استطلاعات رأي أظهرت أن ثلث الأوروبيين فقط مستعدون للقتال دفاعا عن بلدانهم، مقارنة بـ41 بالمئة في الولايات المتحدة.
وفي ختام هذا المشهد القاتم، أكد الأدميرال الهولندي المتقاعد روب باور، الذي شغل منصب أعلى مسؤول عسكري في حلف الناتو، أن استعداد أوروبا للحرب بات ضرورة للحفاظ على السلام وردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
تابعوا قناة صدى البلد على تطبيق نبض