كيف تحولت مدينة الفاشر في السودان إلى مدينة منكوبة ومحاصرة إنسانيًا؟

تعيش مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حالة من الغليان الأمني خلال الأيام الماضية، بعدما أصبحت محور التطورات الميدانية في السودان، إثر إعلان قوات الدعم السريع استيلاءها على مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني. ويُعد هذا التطور من أخطر ما شهدته الحرب منذ بدايتها قبل أكثر من 550 يومًا.

تبقى الفاشر اليوم مسرح لمعارك عنيفة بين الجيش السوداني المدعوم بقوات من الحركات المسلحة، وبين قوات الدعم السريع، في معركة يسعى كل طرف من خلالها لفرض سيطرته على المدينة.

وتكتسب الفاشر أهميتها كونها آخر مواقع الجيش في إقليم دارفور، وهو ما يجعلها مركزًا حاسمًا في مسار الحرب.

وتبلغ مساحة ولاية شمال دارفور ما يقارب 296 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل 12% من مساحة السودان، ما يمنح السيطرة عليها ثقلًا سياسيًا وعسكريًا كبيرًا.

وتضم المدينة مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة، إضافة إلى مخازن للأسلحة والذخيرة، ومطارًا عسكريًا يمثل محطة لوجستية مهمة.

وكانت الفاشر مركزًا لتنسيق الهجمات الجوية والبرية خلال السنوات الماضية. ومع وقوعها تحت سيطرة الدعم السريع، تفقد القوات الحكومية أهم موقع ارتكاز في غرب السودان، بينما توسع قوات الدعم السريع نطاق نفوذها وتعزز وجودها العسكري داخل دارفور.

تمر الفاشر اليوم بأزمة إنسانية غير مسبوقة، فالمدينة التي كانت مركزًا رئيسيًا للمنظمات الدولية وتحوي معسكرات للنازحين، تحولت إلى منطقة منكوبة تعاني نقصًا حادًا في الغذاء والدواء والمياه.

وتفيد تقارير ميدانية بأن بعض السكان اضطروا إلى تناول علف الماشية بسبب ارتفاع الأسعار ونقص المواد الغذائية، في ظل توقف أغلب الإمدادات الإنسانية.

يرى اللواء المتقاعد عصام عباس، مستشار تكنولوجيا المعلومات وتحليل البيانات، أن سيطرة الدعم السريع على الفاشر تمثل نقطة تحول استراتيجية في الحرب السودانية، إذ تمنحها نفوذًا شبه كامل في إقليم دارفور، وتفتح أمامها عمقًا جغرافيًا يصل إلى ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، مما يعزز صورتها كقوة متقدمة ميدانيًا ويدفع إلى احتمالات انضمام قبائل ومجموعات جديدة إليها.