ما الذي يُعجل ظهور مقاومة مضادات الميكروبات وانتشارها؟.. الصحة العالمية تكشف

نشرت منظمة الصحة العالمية مجموعة من المعلومات والحقائق بمناسبة الأسبوع الحالي للتوعية بشأن مضادات الميكربات، وذلك في إطار منشوراته الدورية والاهتمام بالأوبئة الصحية العالمية.

يستهدف الأسبوع العالمي للتوعية بشأن مضادات الميكروبات إذكاء الوعي بظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات على الصعيد العالمي وتشجيع عامة الجمهور والعاملين الصحيين وراسمي السياسات على اعتماد أفضل الممارسات لتجنب استمرار ظهور حالات العدوى المقاومة للأدوية وانتشارها.

تحدث مقاومة مضادات الميكروبات عندما تكتسب البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات مقاومةً لتأثير الأدوية، مما يجعل من الصعب معالجة الأنواع الشائعة من العدوى ويزيد من مخاطر انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة والوفاة، ومضادات الميكروبات هي عوامل تشكّل أدوات حاسمة الأهمية لمكافحة الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان والنبات، وهي تشمل المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات ومضادات الفطريات ومضادات الأوالي، وهناك عوامل عديدة أدّت إلى تفاقم خطر مقاومة الميكروبات حول العالم، من بينها الإفراط في استخدام الأدوية لدى الإنسان والحيوان والنبات، فضلاً عن الافتقار إلى المياه النظيفة ووسائل الإصحاح والنظافة.

وفي أعقاب اجتماع تشاوري لأصحاب المصلحة في مايو 2020، نظمه الثلاثي: منظمة الأغذية والزراعية للأمم المتحدة (الفاو)، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، ومنظمة الصحة العالمية، تقرر توسيع نطاق الأسبوع العالمي للتوعية بشأن مضادات الميكروبات وتغيير محوره من "المضادات الحيوية" إلى المصطلح الجامع الشامل "مضادات الميكروبات". وسيسهم توسيع نطاق الحملة ليشمل جميع أنواع مضادات الميكروبات في إرساء استجابة عالمية أشمل لمسألة مقاومة مضادات الميكروبات ودعم نهج متعدد التخصصات قائم على مفهوم "الصحة الواحدة".

وقد قررت اللجنة التنفيذية الثلاثية تحديد الفترة من 18 إلى 24 نوفمبر من كل عام للاحتفال بأسبوع التوعية، ابتداءً من عام 2020. وسيكون شعار حملة عام 2020 لجميع القطاعات "تعامل بحرص مع مضادات الميكروبات". أما موضوع الحملة لقطاع الصحة البشرية فهو "متحدون للحفاظ على مضادات الميكروبات".

واعتُمدت خطة عمل عالمية للتصدي للمشكلة المتنامية التي تطرحها مقاومة المضادات الحيوية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات خلال جمعية الصحة العالمية الثامنة والستين التي عُقدت في مايو 2015. ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية للخطة في زيادة الوعي بظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات وكفالة فهمها بشكل أفضل من خلال الاتصال والتعليم والتدريب بفعالية.

حقائق رئيسية.

تشكّل مقاومة مضادات الميكروبات تهديداً عالمياً للصحة والتنمية، وهي تستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة متعددة القطاعات بشأنها من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

أعلنت المنظمة أن مقاومة مضادات الميكروبات من التهديدات العالمية العشرة الرئيسية للصحة العامة التي تواجه البشرية.

تعدّ إساءة استعمال مضادات الميكروبات والإفراط في استعمالها المحركان الرئيسيان لظهور المُمرضات المقاومة للأدوية.

يؤدي نقص المياه النظيفة وخدمات الإصحاح وقصور الوقاية من عدوى الأمراض ومكافحتها إلى تعزيز انتشار الميكروبات التي يمكن لبعضها أن يقاوم العلاج بمضادات الميكروبات.

يترتب على مقاومة مضادات الميكروبات تكاليف طائلة. وإضافة إلى ما تخلفه الاعتلالات الممتدة لأجل طويل من وفيات وإعاقات، فإنها تسفر عن إطالة أمد رقود المرضى في المستشفيات وحاجتهم إلى أدوية أغلى ومواجهتهم لتحديات مالية.

من شأن نجاح الطب الحديث في حالات العدوى، بوسائل منها العمليات الجراحية الكبرى والعلاج الكيميائي للسرطان، أن يتعرض لمخاطر متزايدة من دون استعمال مضادات ميكروبات ناجعة.

ما هي مضادات الميكروبات؟

إن مضادات الميكروبات - بما فيها المضادات الحيوية والأدوية المضادة للفيروسات ومضادات الفطريات ومضادات الطفيليات - هي أدوية تُستعمل للوقاية من الالتهابات التي تصيب الإنسان والحيوان والنبات ولعلاجها.

ما هي مقاومة مضادات الميكروبات؟

تظهر مقاومة مضادات الميكروبات عندما تطرأ تغييرات على البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات بمرور الزمن فتصبح أقل استجابةً للأدوية ممّا يصعّب علاج الالتهابات ويزيد خطورة انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة والوفيات.

وتصبح المضادات الحيوية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات غير ناجعة بفعل مقاومة الأدوية، وتتزايد باطراد صعوبة علاج الالتهابات أو يستحيل علاجها.

لماذا تثير مقاومة مضادات الميكروبات قلقاً عالمياً؟

ما زالت قدرتنا على علاج الالتهابات الشائعة مهددة بظهور وتفشي الممرضات المقاومة للأدوية التي تبتكر آليات مقاومة جديدة تسفر عن ظهور مقاومة مضادات الميكروبات. ومما يثير الذعر بوجه خاص الانتشار العالمي السريع للبكتيريا المقاومة لعدة أدوية أو لجميعها (المعروفة أيضاً باسم "الجراثيم المستعصية") والمسببة لحالات عدوى يتعذر علاجها بالموجود حالياً من أدوية مضادة للميكروبات، مثل المضادات الحيوية.

وبالكاد توجد أي مضادات جديدة للميكروبات قيد التطوير السريري. وفي عام 2019، حددت المنظمة 32 مضاداً حيوياً قيد التطوير السريري لعلاج المُمرضات المدرجة في قائمة المُمرضات ذات الأولوية للمنظمة، منها ستة مضادات فقط صُنفت على أنها مبتكرة. وعلاوة على ذلك، تظل صعوبة الحصول على مضادات الميكروبات الجيدة مشكلة رئيسية، فضلاً عن تأثر البلدان من جميع مستويات التنمية بنقص إمدادات المضادات الحيوية، ولا سيما في نظم الرعاية الصحية.

ويتواصل بشكل متزايد فقدان المضادات الحيوية لمفعولها في ظل انتشار مقاومة الأدوية على الصعيد العالمي، ممّا يسفر عن زيادة صعوبة علاج حالات العدوى والوفاة. وثمة حاجة ماسة إلى إيجاد مضادات جديدة للبكتيريا - مثلاً لعلاج الالتهابات البكتيرية السالبة الغرام المقاومة للكاربابينيم، على غرار ما هو محدد في قائمة المُمرضات ذات الأولوية للمنظمة. ولكن إن لم يغير الناس طريقة استعمالهم للمضادات الحيوية الآن، فإن مصير هذه المضادات الحيوية الجديدة سيكون نفس مصير المضادات الحيوية الموجودة حالياً، وستفقد بالتالي مفعولها.

وتتكبد الاقتصادات الوطنية ونظمها الصحية تكاليف طائلة بسبب مقاومة مضادات الميكروبات التي تؤثر على إنتاجية المرضى أو القائمين على رعايتهم بفعل إطالة مدة رقود المرضى في المستشفيات وضرورة تزويدهم برعاية أكثر تكلفة وتركيزاً.

وسيزيد عدد من يفشل علاجهم أو يفارقون الحياة بسبب حالات العدوى ما لم تُوفّر أدوات فعالة للوقاية من العداوى المقاومة للأدوية وعلاجها كما ينبغي، وتتحسن إتاحة مضادات الميكروبات القائمة حالياً والجديدة بجودة مضمونة. وستتفاقم بالمثل خطورة الإجراءات الطبية مثل العمليات الجراحية، بما فيها العمليات القيصرية أو استبدال مفصل الورك والعلاج الكيميائي للسرطان وزرع الأعضاء.

ما الذي يعجل ظهور مقاومة مضادات الميكروبات وانتشارها؟

تظهر مقاومة مضادات الميكروبات بصورة طبيعية بمرور الزمن عبر ما يطرأ من تغييرات وراثية عادةً. وتوجد الأحياء المقاومة لمضادات الميكروبات في الإنسان والحيوان والغذاء والنبات والبيئة (في المياه والتربة والهواء)، وبإمكانها أن تنتقل من شخص إلى آخر أو بين صفوف الناس وقطعان الحيوانات، بما في ذلك الأغذية الحيوانية المصدر. وتشمل الدوافع الرئيسية لظهور هذه المقاومة إساءة استعمال مضادات الميكروبات والإفراط في استعمالها؛ وعدم إتاحة المياه النظيفة وخدمات الإصحاح والنظافة الصحية لكل من الإنسان والحيوان؛ وضعف الوقاية من العدوى والأمراض ومكافحتها في مرافق الرعاية الصحية والمزارع؛ وقصور إتاحة الأدوية واللقاحات ووسائل التشخيص الجيدة والمعقولة التكلفة؛ وانعدام الوعي والمعرفة؛ وعدم إنفاذ التشريعات.