مناسك الحج.. هل يجوز طواف مريض السَّلَسِ؟

بدأ المسلمون حول العالم صيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وهو من الأشهر الحرم، والذي شرع فيه الله تعالى فريضة الحج، الركن الخامس في الإسلام، وهناك العديد من الأسئلة التي تدور في أذهان كل مسلم بشأن مناسك الحج.

ومن بين الأسئلة المتعلقة بمناسك الحج 2023: ما هو دعاء رؤية الكعبة؟، هل يجوز ذبح الهَدي في أثناء الحج بنيَّة الهَدي ونية الأُضْحِيَّة معًا؟، ما حكم طواف مريض السَّلَسِ؟، ما دعاء دخول المسجد النبوي؟، وما هي الأفعال المباحة من دون حرج؟.

 دعاء رؤية الكعبة

وأجابت دار الإفتاء المصرية، عن تلك الأسئلة في بيان لها قائلة: إنه عنما يرى الحاج الكعبة يكبِّر، ويهلِّل (قل: لا إله إلا الله) ويقل: 'الحمد لله الذي بلَّغني بيتَه الحرام، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زِدْ بيتك هذا تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومَهابةً، وزِدْ مَن شرَّفه وكرَّمه تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبِرًّا، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحيِّنَا ربَّنَا بالسلام، وأدْخِلْنا دار السلام'، ثم ادعُ بما شئتَ.

نية ذبح الهدى

هل يجوز ذبح الهَدي في أثناء الحج بنيَّة الهَدي ونية الأُضْحِيَّة معًا؟

لا يجوز ذبح الهَدي في أثناء الحج بنية الأُضْحِيَّة مع الهدي؛ لأن سبب مشروعية كل منهما مختلف ولا يقبل التداخل.

طواف مريض السَّلَسِ

من ابتلاه الله تعالى بمرض 'السَّلَسِ' وأراد أن يطوف فله أن يتوضأ ويطوف وطوافه صحيح ولا يلتفت إلى ما يخرج منه بعد ذلك، بشرط أن يضمن عدم تلويث الحرم؛ وذلك بلبس الحفَّاظات ونحوها، كما يجوز له دخول المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسعى مع مراعاة عدم تلويث تلك الأماكن المقدسة.

سنن زيارة رسول الله

يُسَنُّ لزائر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

  • الاغتسال أو الوضوء.
  • لبس أحسن الثياب.
  • التطيَّب.
  • عدم التدافع والتزاحم.
  • عدم رفع الصوت والجدال.

بدعاء دخول المسجد النبوي

يتوجَّه الزائر إلى الحرم النبوي متواضعًا في سكينة ووقار، فإذا دخل من باب المسجد دعا بدعاء دخول المسجد: 'اللهم افتحْ لي أبوابَ رحمتك' وقصد إلى الروضة الشريفة وهي المساحة بين القبر الشريف والمنبر النبوي، ويصلي فيها ركعتين تحية للمسجد، ويدعو الله مجتهدًا في الدعاء؛ لأنه في روضة من رياض الجنة، وفي مهبط الرحمة، وموطن الإجابة إن شاء الله تعالى.

السلام على رسول الله

إذا انتهَى الزائر من تحية المسجد النبوي والجلوس في الروضة الشريفة، توجَّه إلى المواجهة الشريفة، ووقف قُبالة موضع الرأس الشريف في أدب واحترام، ويُسلِّم على الرسول في صوتٍ خفيضٍ، ويقول: «السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك بلَّغتَ الرسالة وأدَّيتَ الأمانة ونصحتَ الأمَّة، وجاهدت في الله حقَّ جهاده»، وإن كان قد أوصاه أحد بالسلام على رسول الله قال: السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان.

ثم يصلي على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يتحرك إلى اليمين قليلًا مواجهًا رأس الصِّدِّيق أبي بكر رضي الله عنه، فيسلم عليه بقوله: «السلام عليك يا خليفة رسول الله، السلام عليك يا صاحب رسول الله في الغار، السلام عليك يا أمينَهُ في الأسرار، جزاكَ الله عنَّا أفضل ما جزى إمامًا عن أمَّة نبيِّه»، ثم يتحرك إلى اليمين قليلًا مواجهًا رأس عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيقول: «السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا مُظهِر الإسلام، جزاكَ الله عنَّا أفضل الجزاء»، وبعد هذا يستقبل الزائر القِبلة، ويدعو بما شاء لنفسه ولوالديه وأهله ولمن أوصاه بالدعاء شاملًا جميع المسلمين.

يستحب زيارة أهل البقيع حيث دُفن أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من المهاجرين والأنصار والصالحين، كما يزور شهداءَ أُحد، وقبرَ سيد الشهداء «حمزة» عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ورضي الله عن الجميع، ومسجد قباء، أول مسجد بناه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

الصلاة في الروضة

البقعة الشريفة (قبر النبي صلى الله عليه وسلم) التي ضمت واحتضنت الجسد الشريف هي أفضل البقاع على الإطلاق، فهنيئًا لمن رزقه الله تعالى زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة في روضته الشريفة ومسجده الشريف.

إذا توجه الحاج إلى المدينة المنورة أولًا فلا يحرِم، ولا يلبس ملابس الإحرام، بل يبقَ بملابسه العادية إلى أن يتم زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتنتهي إقامته بالمدينة، وعندما يتوجه منها إلى مكة فعليه أن يحرِم من المدينة ذاتها، أو من ميقاتها -ذي الحليفة- وهو المكان المعروف الآن 'بآبار علي' أو من ميقات بلده المحدد له.

ينبغي للزائر أن يغتنم مدَّةَ وجوده في المدينة فيصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلوات الخمس ما أمكن، وعليه أن يُكثِر من التسليم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن النوافل في الروضة الشريفة، وأن يُكثِر من تلاوة القرآن الكريم فيها ومن الدعاء والاستغفار والتسبيح، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» أخرجه أحمد.

لا مانع شرعًا مِن تقديم زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الحج أو تأخرها عنه، لأنها قربةٌ مستقلةٌ لا علاقة لها بمناسك الحج في نفسها؛ ومن فعلها استحق شفاعة النبي فعن ابنِ عمَر رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ زَارَ قبرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي)).

افْعَلْ وَلا حَرَجَ

انفرد الحجُّ عن غيره من العبادات بأنه:

  • جمع بين ألوان من العبادات.
  • له مواقيت مكانية محدَّدَة لإقامة شعائره.
  • لا يبطل بترك الواجبات؛ بل يُجبَر ويُصَحَّح.
  • إذا فَسَدَ وَجَبَ إتمامُه، ثم قضاء حجٍ آخر مكانه.
  • له شعار نبوي خاص وهو: «افْعَلْ وَلا حَرَجَ» متفقٌ عليه.

لا مانع شرعًا من اتباع الحاج للفوج المرافق إذا بادر بالذهاب من المزدلفة إلى مكة ليلًا حتى يؤدِّي طوافَ الإفاضة والسعي، ثم يتحلَّل التحلُّل الأصغر بمكة، ويبيت بمكة ليلة النحر (أول أيام العيد، 10 من ذي الحجة)، وما يترتب على ذلك من عدم الوقوف بالمشعر الحرام صباح يوم النحر، لا حرج فيه ولا فدية؛ فالمعتمَد في الفتوى أن الوقوف بالمشعر الحرام سُنَّةٌ ولا شيء على مَن فاته.

حكم أخذ أدوية منع دم الحيض خلال الحج؟

الأخذ بِرُخَصِ الحج واتباع التيسير والتخفيف على الناس فيه هو مقصد شرعي أساسي لحفظ النفوس، وأداؤه على الصفة المُيسَّرة هو مِن السنة؛ ذلك أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم أمر المسلمين بالتيسير في قوله: ((بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا)).

يجوز للمرأة أن تتناول من الأدوية ما يرفع عنها دم الحيض في مدة الحج، ما لم يترتب على ذلك ضرر، وذلك بعد استشارة أهل الاختصاص.