من فيلم إلى واقع مؤلم.. حريق سنترال رمسيس يعيد مشاهد "اللعب مع الكبار" إلى ذاكرة المصريين

لم يكن يتخيل أحد أن تعود أعمدة الدخان الكثيفة لترتفع من مبنى سنترال رمسيس التاريخي، الذي يقف شامخًا في قلب القاهرة منذ عام 1927، وتحديدًا منذ أن وضع حجر أساسه الملك فؤاد الأول.

فبعد نحو قرن من تأسيسه، عاد المبنى إلى صدارة المشهد، ليس كرمز للتقدم والاتصالات، بل كعنوان لأزمة ضخمة أصابت الحياة في مصر بالشلل المؤقت، بعد اندلاع حريق هائل تسبب في انقطاع واسع للإنترنت وشبكات المحمول، وعطّل البنوك، وأربك ملامح اليوم بالكامل.

فيلم اللعب مع الكبار

لكن وسط الحريق والانقطاع، تذكر الجمهور واحدة من أقوى لحظات السينما المصرية، حين تحول السنترال نفسه إلى 'نقطة كشف' في فيلم 'اللعب مع الكبار' الذي عُرض عام 1991، وكان بمثابة ناقوس خطر ضد الفساد في وقتٍ سابق.

في الفيلم كان علي الزهار، الذي جسده ببراعة الفنان محمود الجندي، موظفًا في مصلحة التليفونات، يلتقط خيوط الفساد من خلال تنصته على المكالمات داخل سنترال رمسيس.

ومن هناك، يمرر المعلومات لصديقه حسن بهلول (عادل إمام)، العاطل عن العمل والذي يلعب دور 'المبلغ' لدى الأجهزة الأمنية، بحجة أنه يرى الجرائم في أحلامه، في حبكة كتبها الراحل الكبير وحيد حامد بحرفية، وأخرجها شريف عرفة، وشاركه البطولة كل من حسين فهمي، مصطفى متولي، عايدة رياض، بموسيقى تصويرية لـ مودي الإمام.

فيلم اللعب مع الكبار

وقد تم تصوير مشاهد رئيسية داخل السنترال الحقيقي، ما جعل المبنى جزءًا من الذاكرة البصرية والدرامية لجيل كامل.

حين اندلع الحريق فجأة، لم يكن مجرد 'حدث عارض'، بل تحوّل إلى لحظة تأمل حقيقية في مدى اعتمادنا على التكنولوجيا، وفي ذات الوقت أعاد ربط التاريخ بالحاضر، والسينما بالواقع، والخيال بالمأساة.

فيلم اللعب مع الكبار

وكأن الفيلم الذي عرض لأول مرة في عيد الأضحى عام 1991، قرر أن يطل علينا من جديد، لا من شاشة عرض، بل من دخان كثيف، وشبكة مقطوعة، ويوم كامل من الارتباك.