
إلهام أبو الفتح تكتب: صفارات الإنذار تنطلق
الحر يشتد، والرطوبة تخنق، والبحر يُغلق في وجه المصطافين.. كصفارات إنذار تنطلق لتنبهنا للخطر المحدق بنا
منذ أسابيع، وهناك تحذيرات ومنع نزول البحر على امتداد الشواطئ، بسبب حرارة المياه، وارتفاع الأمواج، وخطر الإجهاد الحراري الذي يمكن أن يحدث حتى داخل الماء. مشهد لم معتد عليه في مثل هذا التوقيت من العام، في العالم كله، تتكرر الصور نفسها موجات حر شديدة، حرائق غابات تخرج عن السيطرة، وأمطار غزيرة تهطل في غير موسمها. لم تعد الفصول تعرف ترتيبها، ولم يعد الطقس يخضع للتوقعات. ملايين الناس يشعرون بتغير واضح في أنماط الجو ودرجات الحرارة، في المدن والريف، في الشمال والجنوب على السواء.هذا الاختلال المناخي لم يأتِ من فراغ. لعقود طويلة، واصلت الدول الصناعية الكبرى تلويث الغلاف الجوي دون التزام حقيقي بالحد من الانبعاثات. أما الدول النامية، فتدفع الثمن: جفاف، نقص في الموارد، وتراجع في إنتاج الغذاء.
منذ توقيع اتفاق باريس عام 2015، تتكرر التعهدات بخفض الانبعاثات والتحول إلى الطاقة النظيفة. ولكن الواقع مختلف. التنفيذ بطيء، والتقاعس مستمر، والالتزامات التي خرجت من مؤتمرات المناخ، بدءًا من شرم الشيخ مرورًا بدبي وصولًا إلى أذربيجان ، لا تزال حبيسة الورق. ومع اقتراب مؤتمر البرازيل نهاية العام، يبقى السؤال قائمًا: متى تتحوّل الوعود إلى أفعال؟
التغيرات المناخية بدأت بالفعل ولن تنتظر. في أماكن كثيرة من العالم، تضعف التربة، وتزحف مياه البحر نحو اليابسة، وتضطرب حياة الناس تحت ضغط طقس غير متوقع. أسر كثيرة تعيد تنظيم يومها وفقًا للحرارة، وللساعات التي يمكن فيها الخروج أو تشغيل التكييف.القلق أصبح جزءًا من الحديث اليومي. في البيوت، في المدارس، في المزارع، وعلى الشواطئ، الناس تتساءل: ماذا يحدث؟ وماذا بعد؟
وفي مصر، رغم استقرار شبكة الكهرباء إلى حد كبير، إلا أن التخوف من الضغط على الأحمال، خاصة مع الاستخدام المتزايد لأجهزة التكييف. هناك وعي يتشكل، وسلوك يتغيّر، لكنه وحده لا يكفي لمواجهة أزمة بهذا الحجم.
ما نعيشه اليوم ليس مجرد اضطراب في الطقس، بل تحول عالمي يتطلب استجابة جماعية. أزمة لا تُحل بالقرارات الفردية، بل بتضامن دولي حقيقي، قائم على العدالة، والمشاركة الفعلية في الحلول، وليس الاكتفاء بالشعارات.
لقد دوت صفارات الإنذار ولا احد يسمع ولا احد يستجيب إنه زمن جديد يتشكّل، إما أن نواجهه بالوعي والمسؤولية، أو نتركه يفاجئنا بعواقب لا يمكن إصلاحها..