الموت الجماعي.. عائلات غزة تقسم نفسها للحفاظ على النسل
ويلات الحرب على غزة متواصلة ومستمرة، فما بين قتلى وجرحى ونازحين يرتسم المشهد في القطاع، الذي شهد منذ السابع من أكتوبر الماضي، اندثار أسر وعائلات كاملة، راحت تحت الركام بعدما استهدف القصف منازلهم، وحذفوا من السجلات ليكونوا جزءًا من الماضي القريب.
عائلات غزة التي نجت من الموت حتى الآن، بحثت عن حيلة تحافظ بها على وجود أثر لها في الحياة، كي لا يموتون سويًا إذا ما كانت بيوتهم في مرمى غارات العدو، واتجهوا لتقسيم أنفسهم في مناطق شتى كما سنرى في السطور التالية.
تحويل السيارة إلى ملجأ
حوّل السائق أبو إياد العايدي مركبته العائلية، في محافظة وسط غزة إلى ملجأ لينام فيه مع عدد من أفراد عائلته الممتدة، التي قسمها إلى مجموعات، تنام كل واحدة منها في مكان منفصل، بهدف 'الحفاظ على النسل'، كما قال.ووفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية، قال العايدي، الذي يعمل موظفا في القطاع العام، إنه قسم العائلة إلى ثلاث مجموعات كي يتجنب إبادتها بشكل كامل، مثلما حصل مع مئات العائلات التي أبيدت كاملة، بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من شهر على قطاع غزة.
وأضاف: 'جزء من عائلتي ينام في البيت، وجزء آخر في مكان بعيد في دير البلح، وجزء منا يتخذ الحافلة مسكنا'.
وأشار العايدي إلى أنه يرى كل يوم قصفا يستهدف عائلات من أطفال ونساء ورجال، كلهم يُمسحون من السجل المدني، 'أقسّم العائلة ليتبقى أحد لو حصل قصف'.
1031 مجزرة في غزة
وقالت مصادر طبية، إن قوات الاحتلال ارتكبت 1031 مجزرة أبيدت فيها عائلات كاملة بجانب آلاف الشهداء الآخرين من عائلات مختلفة.وتجاوز عدد الشهداء 10 آلاف شهيد، 70% منهم نساء وأطفال، في القصف المتواصل لليوم الـ32 على قطاع غزة، وسط منع الوقود والكهرباء والماء والطعام.
وحول سبب تخوفه، قال، 'إن العائلات تُستهدف لهدف القتل، فمن يعرفهم من ضحايا في دير البلح والنصيرات هم عائلات 'عادية'، وليس لهم علاقة بأي شيء من أكاذيب الاحتلال.
وأشار إلى أن من انتقل إلى مكان آخر تتم استضافة أحد مكانه بالفكرة نفسها.
أما محمد سعدات الذي انتقل بعائلته من شمال قطاع غزة إلى جنوبها، فقسم عائلته إلى نصفين، دون أن يستقبل أحدا.
ونقل سعدات نصف عائلته المكونة من 7 أفراد (3 أولاد و4 بنات) إلى بيوت أقاربه في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، فيما بقي النصف الآخر في وسط القطاع.
وأشار إلى أن كل نصف يحوي على ذكور وإناث.
لكن هناك بعض العائلات لم تستطع توزيع أفرادها على الأقارب، فقسموها بين مراكز الإيواء.
وقال محمد الكفارنة من بيت حانون، إن عائلته الممتدة كبيرة (34 فردا)، وتم تقسيمها إلى مركزي إيواء في دير البلح.
أما دعاء عبد العال من مدينة غزة، التي انتقلت من المدينة إلى الجنوب، فقالت إنها وزوجها لن يقسما العائلة، لأنه لا أحد يستغني عن الآخر.
'إما أن نعيش معا أو نموت معا'، قالت دعاء (44 عاما)، وهي أم لخمسة أطفال.
وقال محمود المصري، من بيت حانون، شمال غزة، إن كل أقاربه في شمال غزة وبالتالي كلهم هربوا، ولا مكان للجوء عند أحد، فاضطر إلى اللجوء إلى إحدى مدارس 'الأونروا' في محافظة وسط غزة.
ولم يسلم المصري أيضا فقد استُشهد ابنه نبيل، السبت الماضي، عندما غادر المدرسة بحثا عن ماء يصلح للشرب.
ولم يتبقَّ في بيت حانون التي يبلغ عدد سكانها زهاء 40 ألف نسمة أي من سكانها بعد أن تعرضت لقصف شديد دمر مساحات شاسعة من المدينة.
ونزح أكثر من مليون مواطن من شمال وادي غزة (محافظتي غزة وشمال غزة) إلى جنوب القطاع،
بحثا عن المناطق الآمنة التي ادعى جيش الاحتلال كذلك، إلا أنها لم تسلم من القصف والاستهداف المباشر للنازحين، سواء في المدارس أو المنازل.