بدأت بـ أجندة ورسائل.. القصة الكاملة لـ قضية «الآثار الكبرى» بعد حكم النقض على رؤوف بطرس غالي
قضت محكمة النقض، اليوم الخميس، بقبول طعن رؤوف بطرس غالي، شقيق وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي، على سجنه 15 عاما وتخفيف الحكم إلى 5 سنوات سجن مشدد وغرامة مليون جنيه، وكذلك تخفيف الحكم على المتهم الثاني أحمد نجدي إلى 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه في واقعة اتهامهما وآخرين بتهريب الآثار إلى أوروبا .
وينشر موقع قناة 'صدى البلد' في التقرير التالي تفاصيل القضية والتي اشتهرت بـ تهريب الآثار، وعوقب فيها الممثل بطرس رؤوف غالي والقنصل الإيطالي السابق في الأقصر أوتكر سكاكال، بـ'قضية تهريب الآثار الكبرى'، وتعد أكبر قضية تهريب آثار خلال العقود الأخيرة، نظرا لكثرة عدد القطع المهربة:
بداية الواقعة: ضبط حاويات تحوي قطعا أثرية
بدأت وقائع القضية في 2018، بإعلان السلطات الإيطالية عن ضبطها حاويات تحوي قطعا أثرية نادرة في ميناء ساليرنو بإيطاليا قادمة من ميناء الإسكندرية، وبعدها مباشرة تواصلت الحكومة الإيطالية مع الحكومة المصرية، وأعلنت وزارة الآثار المصرية آنذاك أن القطع المهربة تنتمي إلى الحضارة المصرية القديمة.
القبض على بطرس غالي
أمرت النيابة بالقبض على 'رؤوف غالي' وأمرت بتفتيش منزله وقررت التحفظ على أمواله وممتلكاته هو و'سكاكال' ومدحت ميشيل داخل مصر، مع الكشف عن حساباتهم في البنوك، وتفتيش شقة أخرى مملوكة للقنصل السابق في منطقة قصر النيل، عُثر بداخلها أيضا على قطع أثرية، وأخرطت النيابة من الجهات المصرفية بأن القنصل السابق له خزينة مستأجرة في أحد البنوك الشهيرة ومنذ استئجارها كان لبطرس غالي حق التعامل عليها وفتحها ووضع أو أخذ أشياء منها فتوجه فريق من المحققين إلى تلك الخزينة وفتحوها ووجدوها بداخلها آثارا أخرى تحفظوا عيها.أثناء معاينة النيابة للقطع الأثرية المهربة لإيطاليا وجدت ورقة مطوية في إحدى القطع بها رقم هاتف يتبع شركة هواتف محمولة في مصر، وعندما عاد المحقق للقاهرة استعلم رسميا عن الرقم، فوجده مسجل باسم شخص يدعى أحمد مجدي من منطقة الأقصر، يعمل فرد أمن على إحدى المراكب فألقت النيابة القبض عليه وفتشت منزله فوجدت به آثار فرعونية، وبتتبع رقم هاتفه تبين وجود علاقة بينه وبين القنصل الإيطالي السابق.
أمرت النيابة بحبس المتهمين الذين توصلت لعلاقتهم بتهريب الآثار جميعا وهم بطرس رؤوف غالي، والقنصل الإيطالي السابق ومدحت شفيق مسؤول شركة الشحن وأحمد مجدي الذي تبين أنه منقب عن الآثار.
"أجندة" ورسائل واتساب تكشف التعاملات المالية
ووفقا لتصور النيابة، فإن أحمد مجدي كانت مهمته البحث عن آثار ثم إخطار سكاكال الذي يبلغ بطرس غالي ويدفع ثمن القطع الأثرية ويجري نقلها للقاهرة، ويسهل مدحت ميشيل مسؤول شركة الشحن إخراجها من مصر بتسجيلها بأسماء لا تعرف عنها شيئا ثم يتسلمها سكاكال في إيطاليا بعد إخطار 'ميشيل' لشركة التفريغ هناك بأن من سيتسلمها هو القنصل الإيطالي السابق ثم يبيعونها لتجار الآثار في إيطاليا وأوروبا.عندما أجرت النيابة تفتيشا لمنزل 'رؤوف غالي' وفتشته، وجدت في مكتبته 'أجنده' في أحد أوراقها مدون اسم أوتكر سكاكال، وبتلك الوررقة مكتوب أرقام مبالغ مالية بعملات أجنبية وعندما تحفظ النيابة على هاتف بطرس غالي المحمول وجدت رسائل عبر تطبيق واتس اب بينهما يبلغه فيها ببعض المعلومات عن مداهمة السلطات الإيطالية لشقته والعثور على القطع الأثرية التي بها وبالكشف عن حساباتهما البنكية تبين وجود تعاملات مالية وتحويلات بينهما بمئات الآلاف من العملات الأجنبية في فترات زمنية مختلفة.
تقرير خبراء الآثار: القطع مسروقة من عمليات حفر في مواقع وتمثل قيمة تاريخية
خبراء الآثار وخبراء العملات، الذين طلبت النيابة منهم تقريرا مفصلا عن القطع الأثرية المضبوطة سواء التي ضبطت في إيطاليا أو التي عثر عليها في منازل المتهمين، قدموا تقاريرا للنيابة بشأن نتائج فحص الآثار المضبوطة أشاروا فيها إلى أنها تضم مئات القطع النادرة المسروقة من القصور العلوية والمواقع الأثرية، وبعضها مسروق بعد عمليات حفر في مواقع أثرية وبعضها يضم قطعا من الياقوت والألماس والزمرد والمرجان الذي يمثل قيمة تاريخية وحضارية كبيرة إضافة إلى قيمته المادية.أنهت النيابة تحقيقاتها وأرسلت ملف القضية إلى محكمة الجنايات بالقاهرة التي قضت بمعاقبة المتهمين بالسجن وألزمتهم بدفع مبالغ مالية كبيرة بموجب الاتهامات المنسوبة لهم مسدلة الستار على واحدة من أكبر قضايا تهريب الآثار المصرية خلال العقود الماضية.
تحقيقات النيابة العامة
التحقيقات في القضية كشفت جوانب مهمة من طريقة تهريب القطع الأثرية التي تنتمي لعدة عصور من الحضارات المصرية المتعاقبة، لكن ظلت الطريقة التي هُرب بها هذا العدد الكبير من القطع الأثرية دفعة واحدة موضع تساؤلات، على الرغم من الكشف عن عنوان عام لعملية التهريب يتعلق بأنها وضعت داخل حاوية دبلوماسية من ميناء الإسكندرية إلى ميناء ساليرنو في إيطاليا قبل أن تكتشف هناك.من خلال التحقيقات ومصادر ذات صلة بالقضية منذ بدء التحقيق فيها، تبين أن عملية التهريب لهذا العدد الكبير من القطع الأثرية بها تفاصيل معقدة وكثيرة جدا نفذها المتهمون حتى تنقل القطع الأثرية في هدوء دون أن يعرف أحد، بالإضافة لتفاصيل إجراءات اتخذوها حتى لا يتعرف أحد على هويتهم في حالة اكتشاف ما بداخل الحاوية التي بها الطرود المهربة.
بعد اكتشاف الآثار المصرية في إيطاليا وإخطار السلطات المصرية ممثلة في وزارة الخارجية والنيابة العامة، تبين أن الطرود التي وضعت بها الآثار كانت 22 طردا مرقمة من 1 إلى 22 داخل حاوية دبلوماسية بها طرودا أخرى، لكن الطرود التي بها الآثار مسجلة باسم شخص يدعى ماسيمليانو سبونفيل، وهو موظف سابق كان يعمل بالسفارة الإيطالية بالقاهرة، لكن فور اكتشاف عملية التهريب توجه ماسيمليانو إلى السلطات في بلاده وأقر بأنه لا علاقة له بتلك الطرود ولم يشحنها من القاهرة أساسا وأنه لم يعد يعمل في القاهرة.
أعيدت الآثار المصرية المهربة، وأجرت النيابة المصرية تحقيقات موسعة لكشف ما حدث، بدأت من شركة الشحن التي شحنت تلك الطرود باسم ماسيمليانو، فتبين أن مسؤولا بالشركة يدعى مدحت ميشيل هو من أنهى إجراءات الشحن من ميناء الإسكندرية باسم شركته، فأصدرت النيابة قرارا بضبطه وإحضاره وتفتيش منزله، وعثرت في المنزل على عددا من القطع الأثرية والمتعلقات الخاصة بالملك فاروق، وتحفظت عليها وعلى جهاز اللاب توب الخاص به، ووجدت مراسلات بينه وبين شركة الشحن الإيطالية تفيد طلبه تسليم الطرود من 1 إلى 22 في الحاوية التي عثر بداخلها على الآثار المصرية إلى شخص يدعى أوتكر سكاكال، هو قنصل إيطاليا الفخري السابق في القاهرة وليس ماسيمليانو الذي شُحنت تلك الطرود باسمه، فأصدرت النيابة قرارا بضبط 'سكاكال' وتفتيش منزله.
توجه فريق التحقيق إلى منزل القنصل السابق بمنطقة الزمالك لتفتيشه فوجد عددا من القطع الأثرية النادرة وتحفظ عليها وأرسلها لوزارة الآثار واستجوب المحققون خادمته، فقالت إنها لا تعلم شيئا عن تلك الآثار، وبمناقشتها عن معارفه وأصدقاؤه قالت إن الممثل المعروف بطرس رؤوف غالي، شقيق وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي، صديقه المقرب، وأضافت أنه في إحدى المرات كان 'سكاكال' في إيطاليا واتصل بها هاتفيا وطلب منها تنظيف الشقة وترتيبها لأن صديقه بطرس غالي وآخرون سيحضرون إلى الشقة لمشاهدة بعض التحف الموجودة بها.
المتهمون في القضية
وقدمت السلطات الإيطالية كافة البيانات والمعلومات الخاصة بتاريخ وصول الحاوية والجهة المصدرة لها، وتمكن الجانبين المصري والإيطالي من كشف المتهمين الرئيسين في القضية وكما كشفوا تفاصيل عملية التهريب.وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهمين هم كلا من: بطرس رؤوف غالي (شقيق وزير المالية الأسبق بطرس غالي) وصاحب شركة مصرية تعمل في مجال السياحة، والقنصل الفخري الإيطالي السابق ولاديسلاف أونكر سكاكال، ومدحت ميشيل جرجس صاحب شركة شحن، وأحمد حسن نجدى.
وبمعاينة النيابة العامة لشقة المتهم بطرس غالي، عثرت على جزء من قاعدة تمثال من الرخام الأبيض، وهذا يخضعه للمساءلة القانونية بتهمة اقتناء آثار في منزله بالمخالفة لقانون حماية الآثار الصادر في 1983.
وبعضها نتاج أعمال حفر خلسة في مناطق أثرية وبعضها متحصل عليه بطريقة غير مشروعة من قصور الأسرة العلوية، وأكد تقرير لجنة خبراء مصلحة دمغ المصوغات والموازين، بناء على قرار النيابة العامة في القضية ذاتها، أن القطع المضبوطة بمسكن المتهم بينها العديد من قطع الحلي والمجوهرات والزينة من الماس والزمرد والمرجان والياقوت والذهب والمعادن النفيسة والأحجار الكريمة وشبه الكريمة ولها قيمة تاريخية وأثرية كبيرة بعيدا عن قيمتها المادية.
فبراير 2019: قرار النيابة العامة بحبس المتهم
بعد التفتيش أمرت النيابة العامة، بحبس شقيق يوسف بطرس غالي في قضية تهريب الآثار في حقائب دبلوماسية إلى إيطاليا 4 أيام على ذمة التحقيقات التى تجري معه.أكتوبر 2019: إحالة للمحاكمة
أحالت النيابة العامة شقيق الوزير إلى محكمة الجنايات، مع سرعة ضبط وإحضار «لاديسلاف أوتكر سكاكال» القنصل الفخري السابق لدولة إيطاليا بالأقصر الهارب، وإدراجه على النشرة الدولية الحمراء، وقوائم ترقب الوصول لاتهامهما بقضية تهريب الآثار المصرية لأوروبا.فبراير 2020: حكم أول درجة
قضت محكمة جنايات القاهرة بحبس الفنان بطرس رؤوف بطرس غالي 30 عاما بعد إدانته بتهريب الآثار، في قضية عرفت إعلاميا بـ'الحاوية الدبلوماسية' التي عثر عليها في إيطاليا.كما عاقبت المدانين أحمد حسين مجدي بالسجن المشدد 15 عاما، ولاديسلاف أوتكر سكاكال القنصل الفخرى السابق لدولة إيطاليا بالأقصر بالسجن المشدد 15 عاما، ومدحت ميشيل جرجس، بالسجن المشدد 15 عاما، وتغريمهم 5 ملايين جنيه، والتحفظ على المضبوطات.
وطالب الإنتربول المصرى الحكومة الإيطالية بتسليم المتهمين من أعضاء البعثة الدبلوماسية للسفارة الإيطالية السابقين بالقاهرة للسلطات المصرية بعد صدور حكم بسجنههم في القضية ذاتها.
وقال الإنتربول في مخاطبته سلطات روما إن أحد المطلوبين للعدالة هو لادسلاف أوتكر سكاكال الذى شغل منصب القنصل السابق لإيطاليا في مصر والذى صدر بحقه حكم بالسجن المشدد 15 عاما والغرامة مليون جنيه لتورطه في تهريب القطع في الفترة ما بين 2016 و2018 عبر حاويات البعثة الدبلوماسية لدولة إيطاليا بمعرفه ماسيميليانو سبونزيللى الملحق الدبلوماسي الاقتصادي والتجاري بالسفارة الإيطالية، حيث تم ضبط حاوية بدولة إيطاليا وإعادة جزء من الأثار بخلاف العديد من عمليات تهريب الأثار الأخرى التي تمت خلال تلك الفترة بمعرفة عناصر إيطالية بالاشتراك مع مصريين.
يناير 2021: تصحيح العقوبة
قضت محكمة النقض بقبول الطعن الأول لبطرس رؤوف غالي بتصحيح العقوبة من السجن 15 سنة للسجن 7 سنوات وغرامة 2 مليون جنيه ورد الآثار المضبوطة إلى المجلس الأعلى للآثار ورفض الطعن فيما عدا ذلك.حيثيات الآثار الكبرى: مجرمون ضالون خانوا الأمانة والوطن
وصول ابنة حسن راتب وهيئة دفاعه أولى جلسات نقض حكم سجنه في الآثار الكبرى
بدء أولى جلسات نظر نقض حسن راتب على حكم سجنه 5 سنوات في الآثار الكبرى