في ذكرى رحيله .. محمود عبد العزيز «الساحر» الذي أسر قلوب الجمهور بأعماله الفنية
تحل اليوم الذكرى التاسعة لرحيل النجم الكبير محمود عبد العزيز، أحد أعمدة الفن المصري والعربي وأحد أبرز الوجوه التي تركت بصمة لا تُمحى في ذاكرة الجمهور عبر أكثر من أربعة عقود من الإبداع، وبرحيله في 12 نوفمبر 2016، خسر الوسط الفني فنانًا شاملاً امتلك موهبة استثنائية وقدرة نادرة على التنقل بين الكوميديا والتراجيديا والوطنية، فكان نموذجًا للفنان المثقف الذي جسّد ملامح المصري البسيط، كما عبّر عن قضايا الوطن بروح إنسانية صادقة.
ميلاد محمود عبد العزيز
وُلد محمود عبد العزيز في الرابع من يونيو عام 1946 بحي الورديان في الإسكندرية، في أسرة مصرية متوسطة. ومنذ سنوات دراسته الأولى، كان للفن مكانٌ خاص في قلبه، فمارس التمثيل على مسرح كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، قبل أن يحصل على درجة البكالوريوس ثم الماجستير في تربية النحل.ومع بدايات السبعينيات، كانت انطلاقته الفنية الحقيقية التي سرعان ما جعلت منه أحد أهم نجوم جيله.
من "الدوامة" إلى "رأفت الهجان".. رحلة نجم لا يشبه أحدًا
بدأت مسيرة محمود عبد العزيز الفنية من خلال مسلسل 'الدوامة' في أوائل السبعينيات، حيث لفت الأنظار بأدائه الهادئ والمقنع، لتتوالى بعد ذلك مشاركاته في السينما، بداية من فيلم 'الحفيد' عام 1974، الذي يعد من كلاسيكيات السينما المصرية.وفي عام 1975، خاض أولى بطولاته السينمائية في فيلم 'حتى آخر العمر'، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف عن تقديم شخصيات متنوعة تجاوزت 80 فيلمًا.
تنقّل بين الأدوار الرومانسية والشبابية، ثم قدّم أعمالًا جريئة ومركبة مثل 'العار' و'الكيف' و'إعدام ميت' و'البريء'، لتصبح هذه الأفلام علامات خالدة في تاريخ السينما المصرية.
لكن التحول الأهم في مسيرته جاء مع دوره الأسطوري في مسلسل 'رأفت الهجان' الذي بدأ عرضه عام 1988، حيث جسّد ببراعة شخصية الجاسوس المصري رفعت الجمال، في أحد أنجح المسلسلات الوطنية بتاريخ الدراما العربية، مؤكداً قدرته على الدمج بين الأداء الواقعي والروح الوطنية العميقة.
نضج فني وأدوار خالدة في الألفية الجديدة
واصل محمود عبد العزيز تألقه في التسعينيات والألفية الجديدة بأدوار أكثر نضجًا وعمقًا، من أبرزها شخصية عبد الملك زرزور في فيلم 'إبراهيم الأبيض'، التي قدّمها بأسلوب مهيب جمع بين الشر والهيبة والدهاء.كما تألق في أعمال تلفزيونية مؤثرة مثل 'محمود المصري' عام 2004، و'باب الخلق' عام 2012، و'جبل الحلال' عام 2014، وصولًا إلى 'رأس الغول' عام 2016، الذي عُرض في رمضان قبل شهور قليلة من وفاته، ليكون بمثابة وداع فني راقٍ يليق بتاريخه الكبير.
تكريمات وجوائز تؤكد عظمته الفنية
حصل الفنان محمود عبد العزيز على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته، منها جائزة أحسن ممثل عن أفلام الكيت كات والساحر والقبطان من مهرجان دمشق السينمائي الدولي، وجائزة أفضل ممثل عن سوق المتعة من مهرجان القاهرة السينمائي، وجائزة مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عن دوره في 'الكيت كات'.كما احتفى به الجمهور دائمًا كلقب 'الساحر' الذي التصق به بعد فيلمه الشهير، والذي عبّر عن قدرته الفريدة في خطف الأنظار وسحر القلوب دون مبالغة أو افتعال.
حياة خاصة هادئة ونهاية مؤثرة
تزوج الفنان محمود عبد العزيز في بداية حياته من جيلان زويد (جيجي)، وأنجب منها ابنيه محمد وكريم، ثم تزوج لاحقًا من الإعلامية بوسي شلبي عام 1998، وظلت رفيقة دربه حتى رحيله.وفي الثاني عشر من نوفمبر عام 2016، رحل 'الساحر' عن عمر ناهز السبعين عامًا بعد صراع مع المرض، ودُفن في مسقط رأسه بحي الورديان بالإسكندرية، لتظل ذكراه حاضرة في قلوب محبيه وعبر أجيال من الفنانين الذين تتلمذوا على فنه.



تابعوا قناة صدى البلد على تطبيق نبض