الطبيعة تغضب على إثيوبيا بثوران بركاني خامل منذ 10 آلاف عام
شهدت إثيوبيا حدثاً جيولوجياً نادراً مع ثوران بركان هايلي غوبي الواقع في إقليم عفر شمال شرقي البلاد، وذلك للمرة الأولى منذ نحو 12 ألف عام، وفق بيانات برنامج علم البراكين العالمي التابع لمؤسسة «سميثسونيان». ويُعد هذا الثوران أول نشاط موثّق للبركان منذ العصر الهولوسيني، في منطقة تُعرف بعدم استقرارها الجيولوجي داخل وادي الصدع شرق إفريقيا.
يقع بركان هايلي غوبي، الذي يبلغ ارتفاعه نحو 500 متر، على بُعد نحو 800 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا، بالقرب من الحدود بين إثيوبيا وإريتريا، وفي نطاق معروف بكثافة الأنشطة البركانية نتيجة اصطدام وتباعد الصفائح التكتونية. ويُعتبر إقليم عفر أحد أكثر المناطق نشاطاً جيولوجياً في القارة الإفريقية.
وأفاد مركز تولوز الاستشاري للرماد البركاني (VAAC) بأن الثوران وقع صباح الأحد، مطلقاً أعمدة كثيفة من الرماد والدخان وصل ارتفاعها إلى ما بين 14 و15 كيلومتراً في الغلاف الجوي، قبل أن يتباطأ النشاط وتهدأ الانبعاثات بعد ساعات. وانجرفت كميات من الرماد البركاني إلى مناطق بعيدة، منها اليمن وسلطنة عُمان والهند وشمال باكستان، وفق تقديرات مراكز الرصد العالمية.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي سحباً بيضاء كثيفة تتصاعد من فوهة البركان، إلا أنّ وكالات دولية لم تتمكن من التحقق من صحة هذه المقاطع بشكل مستقل. وأكد مسؤولون محليون في عفر أن الرماد غطّى قرية أفديرا المجاورة، في حين لم تُسجّل أي خسائر بشرية، نظراً لوقوع البركان في منطقة نائية قليلة السكان.
ولم تصدر سلطات إقليم عفر أي بيانات رسمية بشأن أعداد النازحين أو حجم الأضرار. غير أن خبراء الجيولوجيا أشاروا إلى أن المنطقة شهدت نشاطاً زلزالياً ملحوظاً منذ مطلع عام 2025، من بينها زلزال بقوة 5.8 درجات في بداية العام، إضافة إلى عشرة زلازل متتالية خلال 24 ساعة، في مؤشر على اضطراب تكتوني متصاعد. وسبق لهيئة الإذاعة الإثيوبية أن تحدثت عن مؤشرات لثوران محتمل في المنطقة بعد تسجيل تصاعد للدخان من جبل دوفان المجاور، وهو ما وثقته تسجيلات نشرها المعهد الجيولوجي الإثيوبي.
ويربط الخبراء هذا النشاط المتسارع بحركة الصفائح التكتونية المتباعدة ضمن «الأخدود الأفريقي العظيم»، وهو صدع جيولوجي ضخم يمتد لأكثر من ستة آلاف كيلومتر من جنوبي تركيا مروراً ببلاد الشام والبحر الأحمر ووادي الصدع بشرق إفريقيا وصولاً إلى كينيا وزيمبابوي. ويُعد هذا الوادي أحد أكثر المناطق نشاطاً من الناحية الجيولوجية، ويسجّل باستمرار هزات أرضية وثورات بركانية ناتجة عن توسع الصفائح الأفريقية والعربية وتباعدها تدريجياً.
التأثيرات المحتملة على المناخ
يرى علماء البراكين أن تأثير ثوران هايلي غوبي على المناخ يعتمد على كمية الغازات، خصوصاً ثاني أكسيد الكبريت (SO₂)، التي وصلت إلى طبقة الستراتوسفير. ففي حال ارتفاع تركيز الكبريتات قد يتسبب ذلك في عكس جزء من الإشعاع الشمسي، ما يؤدي إلى انخفاض طفيف في درجات الحرارة العالمية لعدة أشهر. كما قد ينعكس الرماد البركاني على أنماط الأمطار في منطقة القرن الإفريقي والشرق الأوسط، مع احتمال اضطراب تكوّن السحب وزيادة التقلبات الجوية قرب مناطق سقوط الرماد.ورغم أن العلماء يعتبرون الثوران الحالي حدثاً محدوداً بالمقارنة مع براكين أخرى في العالم، إلا أن ندرته التاريخية ووقوعه داخل نطاق جيولوجي حساس يجعلان منه حدثاً مهماً يستوجب متابعة دقيقة من مراكز الرصد المحلية والدولية، تحسباً لأي نشاط لاحق قد يطرأ في المنطقة.
تابعوا قناة صدى البلد على تطبيق نبض