فيروس صغير يحكم العالم
هل يستحق كورونا كل هذا القلق؟
ولماذا لم نشعر بمثل هذا الهلع مع انفلونزا الخنازير، ولا حتى مع سارس. تداعيات فيروس كورونا تمتد بسرعة لجميع جوانب الحياة، وجميع أنحاء العالم، انخفاض فى أسعار البترول، تأثر الأسواق والبورصة، تعطل بعض خطوط الإنتاج، تأثر أنشطة السياحة والنقل، إغلاق شركات عالمية، وتهديد بزيادة البطالة. بل إن تأثير الأزمة -كما تؤكد التقارير- سيمتد إلى الانتخابات الأمريكية، ويهدد فرص "ترامب" بالفوز، بسبب تأثير كورونا على إنجازاته الاقتصادية. باختصار، بوادر أزمة اقتصادية عالمية لم تحدث منذ سنوات، والسؤال، لماذا لم نشهد هذا التهديد العالمى وقت سارس أو حتى انفلونزا الخنازير؟!! أحد أهم الأسباب أن الصين الآن ليست الصين منذ ١٨ عاما، أيام سارس، ولا الصين منذ ١١ عاما أيام الخنازير، الصين الآن ليست دولة عادية، بل هى صاحبة ثانى اقتصاد فى العالم. ويكفى أن نعلم أن الصين استحوذت على أكثر من 80٪، من نمو الطلب العالمى على النفط فى العام الماضى، وهو ما يعكس بوضوح مدى تأثير الاقتصاد الصينى على سوق النفط العالمى وأسعاره، فمع انتشار كورونا وآثاره، انخفض إنتاج المصانع الصينية، وانخفض بالتالى الطلب الصينى على النفط، حتى انخفض سعر برميل النفط من ٥٢٫٥ دولار إلى٤٥٫٣ دولار فى يوم واحد، ولايزال يواصل انخفاضه. ولأنها حلقة مفرغة، فالطبيعى أن يؤدى هذا الانخفاض فى أسعار النفط إلى مزيد من خفض إنتاجه لأن سعر البيع سيكون غير اقتصادى مقارنة بتكاليف البحث والتنقيب والاستخراج. كما أن استمرار إغلاق المصانع الصينية، يعنى العجز عن تسليم الطلبيات إلى الخارج، ويعنى تهديد شركات عالمية كثيرة تعتمد على سلاسل الإنتاج الصينية، وكل هذا يعنى أن تأثر الاقتصاد الصينى لن تبقى حدوده داخل الصين، بل سيمتد خارجها ليهدد بأزمة عالمية حقيقية. الغريب، أن كل خبراء العالم وكبرى المؤسسات الاقتصادية العالمية لم يقدموا خططا ولا حلولا للمواجهة، بل أعلنوا وبكل وضوح أنهم فى حالة ترقب للفيروس وتطوراته ومساره المستقبلى والذى سيتوقف عليه مصير الاقتصاد العالمى. أى أن تأثير كورونا كان أقوى من تأثير كافة الصراعات الدولية الكبرى التى يشهدها العالم منذ عقود، أى أن العالم كله الآن يحكمه ويحركه فيروس صغير. سبحان الله.