نيفين منصور تكتب: أعجاز النخل

من بلاغة القرآن الكريم أنه استخدم التشبيهات لإيصال الفكرة المقصودة حتي يتخيل العقل المشهد بالكامل عندما يقرأ آيات الذكر الحكيم فيصل إليه المفهوم ويدرك القلب والعقل معاً هول المقصود ،، ومن أكثر التشبيهات البلاغية القرآنية استخدام أعجاز النخل في أكثر من آية لتوصيل مفهوم الفناء بصورة مدهشة شديدة التأثير ترُهب السامع  ،، وتُصيب العقل بالذهول .

يقول المولي عز وجل في سورة القمر ( تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ) والآية الكريمة تصف ما حدث لقوم عاد عندما كذبوا النذر ،، فعاقبهم المولي عز وجل بالريح العاتية التي استمرت سبع ليال وثمانية أيام،، كانت من أكثر الأيام شدة وعذاب ،، ومن هول ما رأوا سارعوا بحفر الأرض وإقامة السراديب ،، رغبة في الاختفاء ،، وخوفا من الهلاك،، إلا أن إرادة الله كانت الأقوى ،، فأمر الريح بنزعهم من أعماق الأرض وقذفت بهم صرعي ،، فأصبحوا كأعجاز النخل التي اقتلعت من الأرض خاوية ومهملة بلا فروع .

وربما كان تشبيه أهل عاد بالنخل لطول قاماتهم ومتانة أبدانهم ورغم ذلك هلكوا بأمر من المولي عز وجل في أيام قليلة لتكذيبهم ما انذرهم المولي به ،، تحدوا الله فهزمهم،، وأصبحوا عبرة لمن يعتبر ،، وأصبحوا كأصول النخل الفارغة لا قيمة لهم .

كما استخدم المولي عز وجل أعجاز النخل مرةً أخري في سورة الحاقة حيث قال ( فتري القوم فيها صرعي كأنهم أعجاز نخل خاوية) وهو وصف شديد البلاغة ،، تستطيع من خلاله رسم صورة كاملة للقوة التي انهارت فأصبحت خاوية لا قيمة لها ولا وزن.

والأكثر بلاغة وقوة هو استخدام الريح لزلزلة من أراد الله لهم الفناء والهلاك،، وهي من جنود المولي عز وجل ،، قد تأتي بالخير علي قوم أراد الله لهم الخير ،، وقد تُهلك غيرهم فيُصبِحوا هُم والعدم سواء .

وقد شاهدنا علي مر العصور  ما أحدثته الأعاصير من هول شدتها في بعض البلاد حتي أنها دمرت المنازل واقتلعت الأشجار من جذورها ومحت كل ما صنعه الإنسان.

و للمولي عز وجل جنود كثيرة ومتعددة كل منها قد يأتي بالخير علي قوم وقد يدمر أقوام أخري،، كالأمطار التي قد تأتي علي أرض فترويها ،، وقد تأتي علي شكل سيول فتدمر كل ما عليها بما فيها الإنسان،، قوة الطبيعة تأتي من قوة خالقها ،، مأمورة بأمره ،، تُرهب القلوب ،، وُتذهب العقول،، وتُثبت للإنسان أنه مهما ظن أنه قوي ،، هو في قمة الضعف ،، ومهما ظن أنه يستطيع ،، هو في قمة العجز ،، ومهما ظن أنه يملك الإرادة والحرية،، هو في قمة العبودية للمولي عز وجل .

وتلك القوة الفتاكة ليس الهدف منها نشر الرعب والهلع بين عباد الخالق الكريم ،، إنما هي تذكرة لقوته ،، حتي نراجع أنفسنا ونحاسب أرواحنا ،، فلا نَظلم ولا نظن أن الحياة ستدوم،، فنحن أتينا من أديم الأرض وسوف نعود إليها مهما طال العمر  أو قصر ،، ويبقي المُلك لله الواحد القهار.

نائب يوجه طلب إحاطة بشأن استخدام القرآن الكريم في الدعاية لمنتجات طبية غير مرخصة

حكم تلاوة الأذكار بطريقة قراءة القرآن الكريم.. الإفتاء توضح