أحمد صابر المنسى .. لن ننساك
أرشح مسلسل الاختيار ليكون أفضل مسلسل هذا العام، فقد أمضيت ساعة ممتعة مع أحداث الحلقة الأولى فى أول أيام رمضان الكريم، ومعه بدأ سباق الدراما التلفزيونية من مسلسلات بكل أنواعها، لكن ما لفت نظري وأصبح حديث السوشيال ميديا وتركزت عليه أغلب المشاهدات هو هذا المسلسل بطولة الفنان أمير كرارة فقصته تدور حول الشهيد أحمد صابر المنسى، قائد الكتيبة 103 صاعقة - الذى استشهد فى كمين 'مربع البرث'، فى مدينة رفح المصرية عام 2017، أثناء التصدى لهجوم إرهابى خسيس.. المسلسل بدأ بمشهد حادث رفح الإرهابى الأول عام 2012 ، الذي وقع أثناء إفطار الجنود في شهر رمضان، رغم الوجع والألم الذي شعرت به وأنا اشاهد الغدر والخيانة التى قام بها الإخوان الإرهابيون وتوابعهم من جماعات التكفير والظلام، إلا أنني شعرت بالفخر بجنودنا وضباطنا البواسل وأنا أستمع للكلمات الخالدة التى أوصي بها الشهيد الأسطورة المنسي 'أتدفن بأفرولى .. الشهيد لا بيتغسل ولا بيتكفن '
والميزة الحقيقية التى يتمتع بها هذا المسلسل أنه يدور حول أحداث حقيقية وبطل حقيقى وعندما شاهدت الحلقة أيقنت أن عبقرية العمل الفنى لا تكون أحيانا بجموح خيال الكاتب ولكن بقدر تجسيده للواقع، وهنا يأتى إعجابى بمؤلف العمل الكاتب باهر دويدار، فكل أحداث هذه الحلقة والمسلسل عشناها وشاهدناها وانفعلنا بأبطالها على الطبيعة واعجبنا وانبهرنا بتضحياتهم فى سبيل الوطن وفى سبيل أن تبقى سيناء حرة وأن تبقى شوكة فى حلق أى طامع أو لكل من يعتبر العبور الثانى بالتنمية والتعمير صداعا ووجع دماغ، فسيناء ستبقى ملكا لأبنائها المصريين مهما كلفنا ذلك من تضحيات، ورؤية المصريين من أبطال القوات المسلحة لا تنفصل عن رؤية المصريين البنائين فى كتائب التعمير، ورؤية الشهيد الذى قاد جنوده فى معركة كرامة وتحد لكل الطامعين لا تختلف عن رؤية المهندس والمدرس والطبيب والصانع والعامل ورجل الدين.
وكل عمليات البناء والتحديث والتطوير التى انطلقت فى كل ربوع سيناء بمتابعة مباشرة يومية من الرئيس عبد الفتاح السيسى ضمن خطط ومشروعات التنمية ابتداء من تنمية منطقة قناة السويس والقناة الثانية ثم الأنفاق الستة التى جعلت سيناء والوطن وحدة جغرافية واحدة ومرورا بمشاريع البنية التحتية والقرى الحديثة ومجمعات التنيمة لأهلنا فى سيناء.. فى الصحة والتعليم والمدارس والجامعات والطرق والتنمية بكل أبعادها إنما انطلقت لتؤكد وحدة الهدف وسياسة تواصل الحلقات وأن الجيل الجديد يكمل رسالة الجيل الذى سبقه !
فى البدء كان انتصار مصر التاريخى فى معركة الكرامة فى اكتوبر 1973ثم كان عبور السلام بمبادرة الرئيس السـادات وزيـارة القدس في نوفمبر 1977 والتي أعلنها في بيان أمام مجلس الشعب قائلا أنه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل، وبالفعل قام في نوفمبر 1977 بزيارة إسرائيل وإلقاء كلمة بالكنيست الإسرائيلي طارحاً مبادرته، وبعدها تم التوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978
والتي نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها من العسكريين والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب واستأنفت مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء، ثم كان الانسحاب الإسرائيلي من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء يوم 25 إبريل1982 بعد احتلال دام 15 عاماً وكان المشهد الرائع فى سلسلة التطهير والتحرير في سلسة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة والتى توجت بقيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي، وكان هذا هو المشهد الأخير والتى توجت بانتصار الدبلوماسية المصرية في 30 سبتمبر 1988 حين أعلنت هيئة التحكيم الدولية في الجلسة التي عقدت في برلمان جنيف حكمها في قضية طابا، والتي حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية ورفع علم مصر على طابا المصرية في 19 مارس 1989م .
وبعد هذا المشوار السريع الذى قطعته فى ذاكرتى وأنا أشاهد الحلقة الأولى من مسلسل الاختيار ايقنت أن الأمم لا تبنى إلا على اكتاف رجال أجابوا بحسم على سؤال المرحلة الذى يبدأ عادة بالاختيار بين العيش بكرامة وعزة تحت راية وطن ودولة أو بين الرضا بحياة التخلف والهمجية فى ظل جماعات لا كرامة لها ولا تؤمن بوطن .
وهذا هو الاختيار الذى أجاب عليه أبطال جيشنا فى معارك التحرير ومواقف الاختيار الحاسمة بعد ثورة 30 يونيو التى حسمها ابطالنا أشقاء المنسي وتلاميذه وجنوده فى مواجهة عدو إرهابى خسيس لا يعرف الرحمة ولا الوطنية ولا روح الانتماء الحقيقى ويجد من يدعمه خارج الحدود ويترصد لهذا الجزء الغالى.
واختيار الوطن الحر الكريم تؤكد عليه مشروعات التنمية التى تتضافر جهود الدولة ورؤيتها الواعية مع جهود الأجهزة التنفيذية مع تطلعات وطموحات ورخاء أهلنا فى سيناء..
أتمني أن تكون كل أعمالنا الدرامية مرتبطة بالأحداث بنفس الشكل، ويحسنوا اختيار التوقيت لعرضها، فـ مسلسل الاختيار جاء فى وقته حيث يحتفل المصريون بعيد تحرير طابا وسيناء فى أجواء شهر الصيام ومعركة التحرير فى رمضان مع تضحيات شهدائنا عبر العصور على أرضها فى كل المعارك التى تدمى قلوبنا على أرواحهم الطاهرة، مع دعواتنا وابتهالاتنا فى هذا الشهر الفضيل بأن يجعله شهر رحمة ومغفرة وعتق من النار والفوز بالجنة.