أحمد موسى يكتب: «الأهرام» العدد 50 ألفا السنة 148
دخلت «الأهرام» لأول مرة فى عام 1981، وكنت طالبا فى الفرقة الثانية بقسم الصحافة بكلية الآداب بسوهاج، كانت البداية واستمرت حتى أصبحت متدربا وعينت فى عام 1987 عقب الانتهاء من أداء خدمتى العسكرية لمدة 3 سنوات (ضابط احتياط)، سنوات عمل ومغامرات وانفرادات طوال تاريخى المهنى داخل المؤسسة الصحفية العملاقة، كانت تجربة الحياة والعمل عشتها مع الأساتذة وعمالقة «الأهرام» والزملاء من أبناء جيلى، ومن التحقوا من الأجيال المتعاقبة حتى اليوم، تكون فخورا بالمدرسة الصحفية الرصينة، وعندما تأتى مناسبة الاحتفال بحدث تاريخى فريد صدور العدد رقم «50 ألفا» خمسون ألفا ـ والسنة 148 على تأسيسها فى 27 ديسمبر 1875، ومنذ صدور العدد الأول فى 5 أغسطس 1876، كان جيلنا الذى التحق فى الثمانينيات للعمل فى «الأهرام» محظوظا ليرى ويجلس ويتحدث ويستمع ويتعلم من قامات الكتاب والعمالقة فى المؤسسة العريقة، ولعلى هنا أسجل فى بداية دخولى لـ«الأهرام» وأن تقف لتصعد فى الاسانسير لتجد العمالقة توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وعبدالرحمن الشرقاوى وعائشة عبدالرحمن «بنت الشاطئ» ولويس عوض وأحمد بهاء الدين وزكى نجيب محمود ود. مصطفى محمود وثروت أباظة وأنيس منصور ولطفى الخولى، كل هؤلاء وغيرهم كانوا كتابا فى «الأهرام» والتى أصبح دورها ليس الأخبار والتحليلات السياسية، ولكن أبعد من ذلك وتحولت صحيفة «الأهرام» لتكون ذاكرة الوطن والأمة العربية، وشاركت فى الدفاع عن مصر، ومازالت، ومن يريد أن يتحدث عن «الأهرام» خلال هذه المناسبة، فهناك تحول وتأثير بدأ مع الأستاذ محمد حسنين هيكل والانتقال من وسط القاهرة المبنى القديم إلى شارع الجلاء المبنى الحالى، والذى كان نقلة نوعية ومتطورة فى عالم الصحافة بالشرق الأوسط، وأصبحت المؤسسة مزارا للوفود الأجنبية والعربية وللطلاب، ليقوموا بجولة يشاهدون فيها النقلة النوعية فى البنية التحتية والتكنولوجية والصحفية، واستكمل الأستاذ إبراهيم نافع مرحلة البناء الثانية، بمبنى جديد ملاصق للمبنى القديم وتتحول «الأهرام» من الصحيفة الأشهر إلى عدة إصدارات بلغت 18 إصدارا فى مناحى الحياة، لتواكب اهتمام كل القراء بين السياسة والرياضة والفن والديكور والطفل والمرأة، فصدرت الأهرام الرياضى، والعربى، ونصف الدنيا، والويكلى، والإبدو، والمسائى، والبيت، وعلاء الدين، وغيرها من الإصدارات المتميزة.
ومن باب التواضع أقول إن «الأهرام» خاضت كل معارك الوطن من مواجهة الإرهاب والدفاع عن مصالح مصر وشعبها وحركات التحرر الوطنى والثورات المختلفة والقضية الفلسطينية، وتوثيق كل الأحداث التاريخية منذ صدور العدد الأول، وحتى اليوم، وكل من عمل ومازال يعمل فى المؤسسة العملاقة يشعر بالفخر أن الله أمد فى عمره حتى يقرأ العدد رقم 50 ألفا. حدث فريد لن يتكرر للأجيال الحالية، فبعد أكثر من100 عام سيكون الاحتفال بالعدد رقم «100 ألف» ولأننى شاركت طوال سنوات حياتى بالعمل مع كتيبة هائلة من القامات الكبيرة، فتأثير «الأهرام» تعدى حدود مصر والوطن العربى، فكانت الأخبار والانفرادات فى الأحداث الدولية والمحلية تسارع وكالات الأنباء لنقلها منسوبة لـ«الأهرام» وينتظر كل ليلة مندوبو هذه الوكالات صدور الطبعة الأولى، ليبادروا بنشر القصص الإخبارية الشيقة والمثيرة، فكانت الانفرادات هى ضمير السبق الصحفى الذى يميز «الأهرام» عن غيرها من الصحف، مع الحرص الشديد على المصداقية، فيما ينشر، وهذا أول درس تعلمناه فى مدرسة «الأهرام الصحفية» ومن هنا كانت «الأهرام» فى مقدمة وسائل «الإعلام» التى شاركت فى نقل ومتابعة كل المعارك والحروب التى خاضتها القوات المسلحة سواء 1956و1967 وانتصار أكتوبر العظيم فى 6 أكتوبر 1973 بالصور والرسائل، ومعارك الحرب العالمية الأولى والثانية، وثورة يوليو 1952، وتأميم القناة عام 1956، وغزو الكويت وتحريرها بعد ذلك والغزو الأمريكى للعراق وأحداث سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة والفوضى التى ضربت مصر فى 2011، وإنقاذ الوطن فى ثورة 30 يونيو 2013. واجبى هنا الثناء والشكر لكل قارئ وثق ومازال يثق فى «الأهرام» طوال تاريخها، وللرئيس عبدالفتاح السيسى الذى وجه رسالة لـ «الأهرام» فى هذه المناسبة المتميزة، والتى تعنى الكثير لمن يعملون فى الصحافة والإعلام، وما عليهم من مسئوليات فى المرحلة المقبلة، فيما يقومون به من التوعية ومواجهة محاولات هدم الوطن.
سوف تظل «الأهرام» من أهم المؤسسات الصحفية ليس فى المنطقة، بل حول العالم.