أحمد موسى يكتب: العدوان الصهيونى والترهيب الأمريكى

منذ بدء العدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى فى حرب الإبادة المدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، تقوم بعض الأطراف الإقليمية من خلال أذرعها الإعلامية بالهجوم على مصر رغم ما تقوم به من جهد كبير وتحذيراتها المبكرة مما هو قادم، وخطورة تأثير الحرب على غزة من عدم استقرار الأمن والسلم الدوليين، وربما اتساع نطاق الحرب فى المنطقة، فقد حاولت هذه الأطراف ـ كما فعلت عام 2008 ـ أن تحمل مصر العبء الأساسى، وركزت الأحاديث الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعى عما ستقوم به مصر، ووصل الأمر، إلى أن قام بعض المصريين بتغذية هذه الحملات السخيفة لمحاولة الزج بقواتنا المسلحة للدخول فى حرب وتحدثوا عن معبر رفح بسوء نيات رغم أن المعبر لم يغلق من الجانب المصرى ولا ساعة واحدة، وكان من المهم طوال الفترة الماضية تعرية المواقف وأصحاب الشعارات، وعديمى التفكير من السطحيين والحنجوريين، الذين لا يقدرون معنى كلمة «حرب» وتأثيراتها على مقدرات الدول والشعوب، ومحاولة سحب مصر لهذه الحرب، وتحقيق أهدافهم التى فشلوا فيها عام 2011. والشىء المؤكد أن مصر الداعية للسلام دوما، لا تعتدى على أحد لكنها لا تسمح بأى تهديد لأمنها القومى، ولن تسمح بفرض الأمر الواقع عليها، بإجبار الشعب الفلسطينى فى غزة على تهجيرهم قسريا إلى سيناء، وهذه مسئوليات القوات المسلحة فى الحفاظ على مصر وحدودها وسلامة مواطنيها، وعدم المساس أو حل مشكلات أحد على حساب أراضينا، وتأتى مصالح مصر فوق كل الاعتبارات، ومنذ 1948 وحتى اليوم تحتل القضية الفلسطينية الأولوية فى تحرك الدولة المصرية، ومنذ 7 أكتوبر مع العدوان الصهيونى والإبادة للشعب الفلسطينى، لم يتوقف الرئيس عبدالفتاح السيسى عن الضغط مع كل العالم لإجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار، والدفع نحو إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثة من منفذ رفح المصرى للأراضى الفلسطينية، ونقل المئات من الجرحى والأطفال الخدج لعلاجهم فى المستشفيات المصرية، وانتقل الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة إلى معبر رفح، ليباشر بنفسه عمليات دخول المصابين والأطفال من غزة إلى الأراضى المصرية، مع وضع الإمكانات الطبية الكبيرة والتجهيزات والمستشفيات فى حالة تأهب قصوى، ما تبذله مصر بكل مؤسساتها كان واضحا للعالم كله الذى يثنى على ذلك، ماعدا الحنجوريين والأذرع الإعلامية المناوئة التى تحاول أن تقلل من الجهد المصرى الهائل، والمقدر دوليا وإقليميا وفلسطينيا إلا من ضعاف النفوس ممن يبثون سمومهم فى المنطقة، وسيظل هؤلاء كارهين حتى لأنفسهم. والرصد لما جرى منذ 7 أكتوبر يحدد لنا دور الولايات المتحدة الخطير إذ حركت أساطيلها، «حاملتى طائرات» فورد وأيزنهاور والغواصة النووية ـ مع عشرات القطع الحربية الأخرى، وأصبحت الولايات المتحدة تستخدم لغة التهديد والترهيب، أو ما يطلقون عليه الدبلوماسية العسكرية، لتعطى رسالة دعم هائلة لجيش الاحتلال الصهيونى لينفذ مخططه فى عمليات الإبادة، والتى تتم بناء على ما تم التوافق عليه مع البيت الأبيض، ويرفض الرئيس الأمريكى بايدن وقف إطلاق النار بصورة كاملة، رغم المجازر وجرائم الحرب والإبادة التى ينفذها جيش الاحتلال على مدى الساعة فى غزة. وصولا إلى تصفية كاملة للشعب الأعزل، ومجىء الولايات المتحدة بقوتها العسكرية الكبيرة هى إشارة للتعامل مع أى أطراف تحاول مساعدة المقاومة الفلسطينية، وأصبح ميزان القوى فى مصلحة الكيان الصهيونى المدعوم أمريكيا وغربيا، ودفع ذلك كل الأطراف الإقليمية التى تحدثت فى السابق عن دعم المقاومة الفلسطينية إلى التراجع خشية رد الفعل الأمريكى، ووضعت كل دولة مصالحها أولا، فقد انتهى عصر دخول الدول الحروب من أجل غيرها أو نيابة عن الآخرين فى ظل ما يمر به العالم من تحديات، وقد يشهد العالم تشكيل نظام عالمى جديد عقب انتهاء العدوان الصهيونى على غزة، وسيكون على دول المنطقة والقوى الدولية الاستعداد لما هو قادم، وعلى الشعوب العربية والإسلامية، أن تتدارس وتستوعب حقيقة الولايات المتحدة وأوروبا ونظرتهما الحقيقية إلينا، بعيدا عن العواطف والشعارات، فقد ظهرت الدول الغربية على حقيقتها بدعمها المطلق لإبادة الشعب الفلسطينى.. وخلاصة القول: ما قدمته وتقدمه مصر من أجل فلسطين مثال يحتذى.