أحمد موسى يكتب: رحلتى إلى غانا
فى بداية التسعينيات ومع صدور صحيفة الأهرام ويكلى الناطقة بالإنجليزية، تعرفت على جمال نكروما نجل الرئيس الغانى الراحل كوامى نكروما وهو أول رئيس لجمهورية غانا بعد الاستقلال، ودوما كنت التقى جمال نكروما مع الزملاء فى صحيفة الأهرام ويكلى فهو يتحدث العربية بطلاقة، ووالدته فتحية رزق، التى تزوجها والده كوامى لحبه الشديد لمصر وللرئيس عبدالناصر، وأطلق اسم ابنه جمال على اسم الزعيم عبدالناصر ناصر حركات التحرر والاستقلال فى القارة السمراء، وأصبحت العلاقة متميزة بين مصر وغانا منذ نهاية الخمسينيات وحتى اليوم.. سافرت الأسبوع الماضى بصحبة النائب محمد أبو العينين وكيل مجلس النواب المصرى، إلى أكرا عاصمة غانا لحضور مؤتمر حول الرخاء والازدهار الإفريقى، إلى جانب التكريم بفوز أبو العينين بجائزة الأبطال والرواد فى إفريقيا ومنحته لجنة التحكيم هذه الجائزة بالإجماع وتسلمها بحضور نانا أكوفو أدو رئيس غانا وسهلورق زودى رئيسة اثيوبيا ومحمد عرفان على رئيس دولة جوايانا وتيموثى كونى نائب رئيس كوت ديفوار وأدريانو مايلانى رئيس وزراء موزمبيق والبارونة باتريشيا اسكتلندا سكرتير عام منظمة الكومنولث واميكلى مين مدير عام منطقة التجارة الإفريقية، ولفيف من وزراء المالية والاقتصاد فى القارة أتيحت لى الفرصة لأرى على الطبيعة كيف ترانا إفريقيا، وأقولها إن دول القارة بالنسبة لمصر أمن قومى حقيقى، عندما وصلنا إلى أكرا عاصمة غانا هذا البلد الذى يبلغ عدد سكانه 32 مليونا يعمل 80% منهم فى مجال الثروات المعدنية مثل الذهب وهى الأولى عالميا به وايضا فى إنتاج الكاكاو، ومثل كل دول القارة، كان الاستعمار الأوروبى يستولى على كل خيراتها وثرواتها وتطورت أوروبا على حساب شعوب إفريقيا، ولم تقدم الدول المتقدمة خبراتها، ولا تنقل التكنولوجيا إلى دول القارة لضمان الحصول منها على المواد الخام ببضعة دولارات، وعند استيرادها تدفع مليارات الدولارات. هذا ما رأيته طوال وجودى فى أكرا التى تكتظ شوارعها بالباعة الجائلين ممن يبيعون المياه الباردة فى ظل درجة حرارة مرتفعة ورطوبة عالية.
السفير أيمن الدسوقى، سفير مصر فى غانا، دبلوماسى رفيع المستوى سبق له أن عمل فى السفارة المصرية فى واشنطن، وفى الجزائر وبلدان أخرى، لكن يحسب للسفير المصرى هذه الثقة والعلاقات الممتدة داخل غانا، ومع كل البعثات الدبلوماسية، وهنا أقول إنه منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية قبل 10 سنوات، وضع فى مقدمة الأولويات الاهتمام الكبير بالقارة الإفريقية، والحفاظ على العلاقات والمصالح الحيوية، وأن يكون لكل الدولة ومؤسساتها الحضور والتفاعل مع الأشقاء بالقارة، ومع عودة مصر لمكانتها ودورها أصبح الجميع يطلب المشاركات المصرية، والتى توسعت فقد أطلق الرئيس السيسى مبادرة علاج مليون إفريقى من فيروس سى، وكان لهذه المبادرة صداها فى غانا، وتم علاج عدة آلاف ضمن المبادرة الرئاسية المصرية، وهذا دور مصر التى تساعد الأشقاء وتقف معهم وتنفذ الشركات المصرية مشروعات فى البنية التحتية والتنمية فى العديد من دول القارة لكن يجب التوسع فى مجال التصدير والاستفادة من اتفاقية الكوميسا والتجارة الحرة، لتعزيز التبادل التجارى فى ظل الاعفاءات والتسهيلات التى تمنح للتجارة البينية، وتستفيد منها جميع دول القارة، وتقدم مصر خبراتها وتمول مشروعات لتطهير الأحراش ومجارى المياه فى عدة دول إفريقية.
عدت من غانا هذا البلد الإفريقى الواقع على المحيط الأطلسى، الذى يتميز بالمساحات الخضراء الهائلة، سواء الحدائق والغابات والأشجار فى ظل هطول الأمطار لمدة 10 أشهر فى العام، وأعترف أننى شاهدت شعبا خلوقا كريما، يحترم كل ما هو مصرى، وبالطبع نبادلهم نفس المحبة والاحترام، واجب علينا الانطلاق والتركيز على دول القارة واختيار أفضل الدبلوماسيين لخدمة مصر ومصالحها، بل والعمل على فتح الأسواق وزيادة الصادرات المصرية للأسواق الإفريقية، والتى يمكن من خلال القارة أن نصل بعائدات الصادرات أكثر من الأرقام التى نتحدث عنها حاليا، عدت وأنا فخور بأننى مصرى وعربى وإفريقى، كانت زيارتى إلى غانا تجربة شخصية إيجابية، وتأكدت بصواب رؤية الرئيس السيسى، بأن تعود مصر لمكانتها فى إفريقيا.