
إلهام ابو الفتح تكتب: ارحموا من في الأرض
بين كلب الهرم وكلب طنطا، فارق حضاري كبير ومسافة لا تُقاس بالكيلومترات، بل تُقاس بالرحمة، والوعي ، والإنسانية .. الأول، كلب شارع بسيط، تسلق في أكتوبر الماضي قمة هرم خوفو، ليصبح فجأة حديث العالم، ويلفت الأنظار بشكل غير متوقع، وتتناقله الصحف ووكالات الأنباء كرمز غريب، ولكنه مُلهم، للطبيعة التي تعانق التاريخ. أما الثاني، كلب “هاسكي” أصيل، في طنطا، وُصف ظلمًا بأنه “مسعور”، وتعرض لتعذيب وحشي، وانتهت حياته بطريقة مأساوية، بعد أن كشف لنا مدى هشاشة ثقافة الرفق بالحيوان في مجتمعاتنا. نحن بحاجة ماسة لإعادة إحياء هذه الثقافة.. لا بوصفها رفاهية.. بل كضرورة إنسانية ودينية وأخلاقية.
كل الأديان دعت إلى الرحمة بالحيوان، دون استثناء. في الإسلام، امرأة دخلت النار بسبب قطة، ورجل دخل الجنة لأنه سقى كلبًا. في المسيحية، وصايا واضحة عن المحبة والرحمة تجاه كل المخلوقات. وفي القرآن الكريم، حديث دائم عن الرحمة كصفة من صفات المؤمنين.
يقول د. سامح عيد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة القاهرة،“من يعذب حيوانًا دون رحمة، غالبًا ما يكون لديه استعداد نفسي لإيذاء البشر. الطفل أو المراهق الذي يقتل كلبًا اليوم، قد يتحول إلى مجرم غدًا. الرحمة بالحيوان مرآة لصحة النفس الإنسانية.”
لدينا قانون متحضر جدا في حماية الحيوان من التعذيب ومن التنمر ولكنه غير مفعل لا اعلم من يقوم بتنفيذه.. ولا نعلم ماهي بنوده نحتاج حملة توعية تقوم بها الجمعيات الأهلية ووسائل الإعلام ونحتاج ان يكون لدينا ملاجئ تعقم وتطعم وتُؤوي الكلاب والقطط والحيوانات الأليفة ، وحبذا لو قام علي التبرعات فأهل الخير كثيرين في اي بلد متقدم لا نجد كلاب في الشوارع بلا هوية .. لا توجد دولة متحضرة تترك حيواناتها الأليفة جائعة، مريضة، مشردة، ومليئة بالحشرات في الشوارع علي منصات التواصل الاجتماعي .. رأينا تعاطفًا واسعًا، وحملات تطالب بالتحقيق، دعوات لإنشاء جمعيات، ووعي بدأ يتشكل في قلوب الأجيال الجديدة. الحفاظ على الحيوانات لا يحميها فقط، بل يحمي البيئة والدورة البيولوجية، ويحمي الإنسان من جفاف القلب. ارحموا من في الأرض… يرحمكم من في السماء.