قصة وفاء نادرة.. طلاب يمنيون يفاجئون معلمهم في سوهاج بعد 40 عامًا

 

في مشهد إنساني مؤثر يجسد معنى الوفاء الحقيقي، فاجأ عدد من الطلاب اليمنيين معلمهم المصري محمد عبد العال، مدرس الكيمياء والفيزياء، بزيارة غير متوقعة داخل منزله بمحافظة سوهاج، بعد أكثر من أربعين عامًا من الغياب والفراق.

طلاب يمنيون يفاجئون معلمهم داخل منزله في سوهاج

الزيارة جاءت بعد رحلة بحث طويلة قادها عبد الرحمن قحطان، أحد طلاب المعلم القدامى من أبناء مدينة يافع اليمنية، لمعرفة مصير معلمه الذي درّس لهم قبل عقود. ومع مرور السنوات وتعدد المحاولات، تبيّن أن المعلم لا يزال على قيد الحياة، لتتحول الفكرة سريعًا إلى قرار بالسفر إلى صعيد مصر، بمشاركة كل من جمال اليزيدي، وجيد اليزيدي، ومطيع عبادل.

لحظة لقاء لا تُنسى

داخل منزل المعلم بسوهاج، توقّف الزمن للحظات، وتعانقت الدموع قبل الأيدي، وعاد التلاميذ صغارًا أمام معلمهم، فيما بدا عبد العال أبًا يحتضن أبناءه بعد غياب امتد لعقود طويلة، في مشهد غلبت عليه المشاعر الإنسانية الصادقة.

رحلة تعليمية من مصر إلى اليمن

وفي تصريحات صحفية، قال محمد عبد العال إنه بدأ مشواره في التعليم خلال سنوات شبابه، بعد إعلان رسمي عبر الإعلام الكويتي عن الحاجة إلى معلمين للعمل خارج البلاد. وأوضح أنه كان حاصلًا على بكالوريوس علوم، وتقدم للمسابقة ونجح في اجتياز الاختبارات، ليحصل على عقد رسمي ضمن بعثة تعليمية إلى مدينة عدن.

وأضاف أنه انتقل لاحقًا إلى محافظة شبوة، حيث عمل مدرسًا في عدد من المدارس، من بينها مدرسة الشهيد قحطان، مؤكدًا أنه أمضى سنوات طويلة في خدمة العملية التعليمية، قبل مغادرته اليمن عام 1989.

مفاجأة بعد عقود

وأشار عبد العال إلى أن المفاجأة الكبرى كانت تلقيه اتصالًا هاتفيًا غير متوقع من طلابه القدامى، بعد أن نجحوا في الوصول إليه عن طريق أحد زملائه في البعثة التعليمية. وقال: 'فوجئت بأنهم ما زالوا يتذكرونني، وأصروا على زيارتي مهما كانت المسافات بعيدة'.

وأوضح أن اللقاء كان بالغ التأثير، خاصة بعدما علم أن تلاميذه أصبحوا شخصيات بارزة، من بينهم قاضٍ، ورجل أعمال يعمل في الصين، وآخر يشغل منصبًا قياديًا في إحدى المحافظات، مؤكدًا شعوره بالفخر لكونه كان جزءًا من رحلتهم التعليمية والإنسانية.

درس في الوفاء والإنسانية

من جانبه، قال مطيع عبادل، أحد الطلاب، إن الزيارة لم تكن بروتوكولية، بل جاءت محمّلة برسائل إنسانية عميقة، مشيرًا إلى أنهم قدموا لمعلمهم شهادة تقدير تعبيرًا عن الامتنان والوفاء لما بذله من جهد وعطاء.

وأضاف أن اللقاء شهد استرجاعًا للذكريات، امتزجت فيه الدموع بالابتسامات، مؤكدًا أن الوفاء جاء من يافع في اليمن إلى صعيد مصر ليؤكد أن المعلم الذي يزرع القيم في النفوس لا يغيب أبدًا.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن هذه الزيارة لم تكن مجرد لقاء بعد غياب، بل درسًا حيًا في الوفاء، وقيمة المعلم، وعظمة الرسالة الإنسانية للتعليم.