لغز اختفاء 400 كيلوجرام من اليورانيوم الإيراني يربك واشنطن وتل أبيب

يخيّم الغموض على مصير 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، يُعتقد أن إيران كانت تمتلكها قبل الضربات الجوية التي استهدفت منشآتها النووية، ما أثار قلقاً متزايداً في الأوساط السياسية والاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية.

وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، عقب الغارات التي طالت منشآت نطنز وفوردو وأصفهان، أن "المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية تم تدميرها بالكامل"، إلا أن الشكوك ما تزال تحيط بمصير المواد النووية الحساسة.

فمصادر غربية مطلعة أكدت لصحيفة فاينانشال تايمز أن المواقع تعرّضت لأضرار كبيرة، لكن لا توجد معلومات مؤكدة عن مكان تخزين أو مصير اليورانيوم المخصب.

ريتشارد نيفيو، المسؤول الأمريكي السابق عن الملف النووي الإيراني في إدارات أوباما وبايدن، قال إن "القضية الأساسية لم تعد تتعلق بالبنية التحتية بل بالمادة ذاتها ومكان وجودها".

وأضاف: "لا نملك معلومات كافية عن موقعها، ولا نثق بقدرتنا على استرجاعها في المستقبل القريب".

في المقابل، صرّح مصدر إيراني مطّلع بأن الاحتفاظ باليورانيوم في المواقع المستهدفة "كان سيكون خطأً فادحاً"، مشيراً إلى أن "المادة المخصبة لم تُصب بأي أذى".

تزايد المخاوف في العواصم الغربية ينبع من احتمال نقل إيران لهذا المخزون إلى مواقع سرية يصعب تتبعها، وربما تحوي أجهزة طرد مركزي متقدمة، ما يتيح لطهران رفع نسبة التخصيب إلى 90%، وهو المستوى اللازم لإنتاج قنبلة نووية.

ويُقدّر خبراء أن هذا المخزون كافٍ لصنع قنبلتين خلال أيام، في حال اتخاذ قرار سياسي بذلك.

علي شمخاني، المستشار البارز للمرشد الأعلى الإيراني، كتب عبر منصة "X" أن "القدرات النووية الإيرانية ما زالت قائمة"، مشدداً على أن "المعرفة المحلية والمادة المخصبة والإرادة السياسية لم تُمس".

تصريحات شمخاني، الذي أصيب وفق تقارير في الضربات الإسرائيلية الأخيرة، تعزز الرواية الإيرانية بأن البرنامج النووي لم يتوقف.

وتأتي هذه التطورات في وقت توقفت فيه عمليات التفتيش الدولية بعد القصف، ما دفع خبراء إلى التحذير من تحول البرنامج النووي الإيراني إلى مشروع سري بالكامل، أو إعادة تشكيله تحت مظلة اتفاق جديد يفتقر إلى أدوات رقابة حقيقية على دورة الوقود.

ويبلغ إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم حوالي 8400 كيلوغرام، الجزء الأكبر منه منخفض التخصيب. لكن وجود كميات مخصبة بنسبة 60% يضع الغرب في مواجهة مع احتمال تسارع طهران نحو مرحلة التسلّح النووي، حتى وإن استغرقت عملية إنتاج سلاح فعلي عدة أشهر أو عاماً كاملاً.

وتعيد هذه الأزمة إلى الأذهان نماذج أخرى مثل كوريا الشمالية وباكستان والهند، التي تمكنت من تطوير برامج نووية سرية رغم القيود والمراقبة الدولية.

وبينما تزداد تعقيدات المشهد، يرى مراقبون أن ما يجري يشكل فصلاً جديداً وأكثر غموضاً في لعبة "القط والفأر النووية" بين إيران والغرب.