محمد أبو العينين يكتب للأهرام: مع شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان.. العالم يصلى من أجل الإنسانية
بـ نفوسٍ مستبشرةٍ، برحمة الله تعالى، استقبلنا النداء النبيل الذى أطلقته اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، للصلاة والدعاء من أجل الإنسانية يوم الخميس 14 مايو الحالى، آملين فى فيض عطائه وعظيم مِنته على خلقه من بنى الإنسان. وقد جاء ترحيب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، بهذا النداء، محفزا للمواطنين حول العالم وباعثا بمزيد من الأمل من أجل تشكيل أكبر تجمع بشرى عرفته الخليقة للتضرع إلى الله ومناجاته فى وقت واحد، لرفع البلاء وكشف الغُمة وبسط الحياة الآمنة للعاملين والكادحين والسائرين على اقواتهم.
واتحدت غاية تلك المبادرة النبيلة مع رسالة الأزهر الشريف على لسان فضيلة الإمام الأكبر حين قال، إن التضرع والصبر، ضرورةٌ دينيةٌ وضرورةٌ دنيويةٌ سواءً بسواءٍ، فهو الوسيلةَ الوحيدةَ لتحقيقِ الآمالِ وبلوغِ الغاياتِ، وما من زمنٍ نحن فيه أحوجُ إلى الصبرِ على ما نزلَ بنا مثلُ زمنِ هذا الوباءِ الذى يَجثُمُ على الصدورِ ويخنُقُ الأنفاسَ، ويَقُضُّ المضاجعَ، ويَحدُّ من الحرياتِ العامةِ والخاصةِ.. وإنه لَبَلاءٌ عظيمٌ لا يعالجُه إلا الصبرُ والدعاءُ الدائمُ عَقِبَ الصلواتِ أن يَكشِفَ اللهُ عن عبادِه ما نَزَلَ بهم.
اجتمعت الشعوب لتلبى النداء: وعلى نبل الرسالة، اجتمعت شعوب الأرض تستحسن الدعوة وتلبى النداء، فكان الأثر جميلا والثناء حميدا من زعماء العالم ممثلين عن الملايين من شعوبهم، بدءًا من الأمين العام للأمم المتحدة الذى بارك الدعوة، وملك البحرين الذى رحب بها، ورئيس الشيشان الذى إنضم لها، ورئيس السلطة الفلسطينية التى جمع إليها شعبه ، والشيخ محمد بن زايد ولى عهد ابوظبى الذى وصفها بـ لحظة تضامن إنسانى تتلاشى فيها الاختلافات.
نبذ الخلافات والتضرع إلى الله: ونحن اليوم فى أوج الأزمة إذ نصارع هذا الوباء القاتل، ندرك أن الإنسانية جمعاء تتحد تحت لواء واحد بمختلف الأجناس والأديان، تنبُذ الخلاف وتستنكر الفرقة، وتتخذ من التضرع إلى الله سبيلا نحو النجاة ومسلكا إلى الخلاص من هذه الجائحة، وتجاوز هذا التحدى الذى لا يستثنى أحدا ولا يفرق بين غنى وفقير، ولا يمنعه جاهٌ أو مُلك أو سلطان.
إن المعتقدات السمحة والأديان السماوية تتخذ من الصلاة شعيرة وقربانا إلى الخالق، وإيمانا خالصا للتضرع إليه لإلهام البشرية لسبيل مكافحة فيروس كورونا المستجد واستخلاص اللقاحات المضادة، حتى تنبض الأرض بالحركة وتنفتح المجالات بين الدول ويستقيم الإيقاع الكونى بالتعايش من أجل العمل والإنتاج، مصداقا للآية القرآنية الكريمة: هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا«.. وينتزع العالم جذور الكراهية ويحل السلام إعمالا لآية الكتاب المقدس: أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَحَبَّنَا هكَذَا، يَنْبَغِى لَنَا أَيْضًا أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا.
إلهام العلماء .. ورفع عزيمة الأطباء: ليكن هذا اليوم شاهدا على التجمع الأكبر من أجل الخير والإنسانية، كلُ فى محرابه ومقر مناجاته، فى شتى بقاع الأرض، لا صوت يعلو فى أثيره إلا دعوات موحدة خالصة إلى الله عز وجل، أن يوفق العلماء إلى إنتاج مُضادات للداء المستشري، وأن يجعل لهم نورا فى البصيرة، و بركة فى العلم، ويُسرا فى العمل، ويجعل لهم من أمرهم رشدا، وان يمنح القوة والصبر والعزيمة للأطباء المخلصين فى كل العالم ويثبت عزيمتهم لمقاومة الوباء وخدمة المرضى والتخفيف من وطأة الجائحة.
دعوة للمشاركة فى أكبر حدث إنسانى نبيل: لذا أتوجه بالدعوة إلى الشعب المصرى والعربى وشعوب العالم، كل من نبضت جوارحه بالأمل، وتمسكت عزائمه بالعمل، أن يصبح جزءا من هذا الحدث الإنسانى النبيل فى غايته، والفريد فى طبيعته، بأن يتضرع إلى الله تعالى بما أوتى من صلاح العقيدة وسمُو النفس وسلامة القلب، بأن يرفع الله الغمة عنا، وينجينا مما نحن فيه ويلهمنا إلى طريق الحب والإنسانية والسلام، ولتكن دعوة إلى الخير، والتضامن والتكافل والأخوة، والإنفاق على من مسهم الضر من هذا الوباء.