نيفين منصور تكتب: اللعب بالنار
التعاملات الإنسانية والعلاقات بمختلف أنواعها تحتاج إلى حذر وحسن تفكير ، قد نفرط في ردة فعل ينتج عنها خسارة كبيرة قد لا نشعر بها إلا مع الزمن ، وأسوأ ما يمكن أن نفعله هو وضع توقعات من بعض الأشخاص المقربين ، ونربط علاقتنا بهم وطريقة التعامل معهم بناءً على توقعاتنا نحن فقط، دون النظر للأمور من وجهة نظر الطرف الآخر .
عندما نقع في أزمة نحتاج بالتأكيد أكثر الناس قربا إلى قلوبنا ، لنشعر بالدعم الكافي حتى نجتاز تلك الأزمة ، ولكن أحيانا يستغل البعض تلك الأزمات بصورة مختلفة، وتكون النتيجة بدلا من إجتياز الأزمة ، إشعال أزمة جديدة وربما تصل تلك الأزمة إلى القطيعة المؤقتة وأحيانا إلى قطيعة دائمة.
ويزداد الأمر سوءاً بين الرجال والنساء في الأزمات، وخصوصا إذا كانت تربط رجل وامرأة علاقة مميزة أو مقربة ، ولكن لكل منهما طريقة مختلفة في تناول تلك العلاقة، فالمرأة عندما تقترب من الرجل أحيانا تقترب بحرص شديد ، وخصوصا إذا كان الرجل الذي تقترب منه له تاريخ طويل من العلاقات مع النساء ، وتزداد حرصا عندما يكون هذا الرجل من النوع الذي يستمتع بالوصول إلى النساء الصعبة، ويراهن نفسه على ذلك، فالاقتراب منه في مثل تلك الحالات يكون أمراً شديد الخطورة ويحتاج إلى وعي وحرص، حتى لا تتحول تلك العلاقة إلى صائد وفريسة، وتفقد معناها.
المرأة التي تستخدم عقلها في التعامل مع الرجال دائما مكروهه ، فالرجل لا يحب أن يشعر أن المرأة التي أمامه تقرأ ما في نفسه ، وتحذر رعونته ، أمثال تلك المرأة مهما تميزت بكل المميزات تصبح مملة مع الوقت في نظر الرجل الذي يعشق المراهنة مع الذات ، و قد ينصرف عنها تماما عندما يشعر أنه لم يستطع الوصول إليها أو الحصول منها على ما يشعره بلذة الانتصار التي يشعر بها عاشق المراهنة .
وأحيانا لا ينصرف عنها ، ويترك باب التعامل شبه مفتوحا، ربما لإيجاد فرصة للانتقام ، فالبعض عندما يشعر بالهزيمة أمام امرأة ويشعر أنه لم يصل إلى هدفه يتحول الأمر إلى رغبة حقيقية في الانتقام وربما تتضارب المشاعر بين رغبة التخلص منها و رغبة الاحتفاظ بها و إهمالها ليشعرها بالدونية ، و بأنها لا قيمة لها ، كما يقال أحيانا في المثل الشعبي أنها أصبحت كالوقف ، موجودة ولكنها هي والعدم سواء في حياته .
والبعض يلعب بالنار ، و يتمادى في تلك الأفعال بحجج واهية، ويتعامل بنظام الشد والجذب ، يهملها حتى تشعر بالإهانة ، وعندما تقرر الرحيل ، يحاول جذبها بالتبرير عن أفعاله معها بحجج واهية وبإلقاء اللوم عليها أحيانا، ثم يتجادل معها ، وقد يشعرها من جديد بأهميتها في حياته، حتى تعود لحالتها الطبيعية وتحاول إصلاح تلك العلاقة وإنعاشها مرة أخرى، و إذا به يعود لركنها على الرف من جديد ، لإذلالها حتى ينتصر لنفسه و لكبريائه الذي انهزم أمامها.
قد يكون محظوظا إذا كانت المرأة التي أهملها تتمتع بطول البال والصبر، فقد تتحمله حتى ولو كانت تعلم أنه يهملها انتقاما منها، وقد تعطيه أكثر من فرصة لمراجعة النفس ، ولكن مع الوقت ومع استمراره في تلك الأفعال ، تصل إلى نقطة اللاعودة ، ويتحول الأمر لديها لثورة لكرامتها التي أهدرت من رجل ربط كل ما كان يربطه بها من تعاملات بمراهنته التي انهزم فيها ، وربما تقرر أن تعامله بنفس طريقته أو ترحل للأبد.
اللعب بالنار والانجراف وراء الرغبة في الانتقام يؤدي إلى الخسارة حتى ولو كانت الخسارة غير واضحة الملامح ، ربما يشعر بها الإنسان مع الزمن ، فالكبرياء الزائف قد يعمي البعض أحيانا ، ويظن أن ما يفعله قد يطفيء نار الهزيمة في قلبه ، ولكن مع الوقت عندما يفقد من حوله ، وعندما يزول العمى يشعر حينئذ بمعنى الخسارة ، بعد فوات الأوان ، إلا إذا كان هذا الشخص كان مقصده من تلك العلاقة منذ البداية اللهو فقط وكانت تلك المرأة لا تمثل له إلا لذة المراهنة.
بث مباشر قناة صدى البلد - قناة صدى البلد بث مباشر - 2 بث مباشر قناة صدى البلد