مجزرة في الظلام.. ماذا حدث فجرًا في مدرسة الجرجاوي بغزة؟

تحت الأنقاض، بين رماد الحريق، وبقايا دفاتر أطفال احترقت أحلامهم معها، بقيت صرخات الناجين من مجزرة مدرسة فهمي الجرجاوي تروي وجعاً لا يُحتمل.
في حي الدرج المكتظ وسط مدينة غزة، لم يكن الليل عادياً، ولم تكن النار فقط نار قصف، بل نار أكلت أجساداً نائمة، وقلوباً حية ماتت من الهلع، وكانت الساعة تقترب من الفجر حين قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة تؤوي نازحين هربوا من الموت، ليجدوه في حضن مكان ظنوه آمناً.
يقول أحد الناجين بصوت متهدج لوكالة الأناضول: 'المشهد كان مرعباً.. بقايا الجثامين المحترقة التصقت بالجدران، حاولنا إنقاذ من بقي، لكن النار كانت أسرع منا'.
جثث صغيرة مشتعلة وأجساد تحترق
وفي رواية تقطر وجعاً، تحدثت سيدة فلسطينية كانت شاهدة على المجزرة: 'رأيت جثثًا صغيرة تشتعل.. أطفالاً يتحركون داخل اللهيب، يمدون أيديهم طلباً للنجدة، ولم نملك شيئاً سوى الدموع'.مدير الإسعاف والطوارئ في شمال غزة، الذي كان أول الواصلين إلى المكان، وصف المشهد قائلاً: 'تفاجأنا باحتراق ثلاثة فصول دراسية، كانت تؤوي نازحين نائمين، التهمت النيران أجسادهم تمامًا'.
جريمة لا تنسى.. 30 شهيداً والبحث مستمر
قُتل ما لا يقل عن 30 فلسطينيًا في المجزرة التي استهدفت مدرسة فهمي الجرجاوي، معظمهم من النساء والأطفال.النيران اشتعلت في الصفوف والخيام التي لجأت إليها العائلات، ولاتزال فرق الإسعاف تبحث عن مفقودين بين الركام المحترق.
مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل كشفت حجم الكارثة: أطفال يحترقون، آباء عاجزون، وصراخ يعلو فوق ألسنة اللهب، وبين الشهداء من لم يُعرف اسمه بعد، ومن لن تُكمل أمه تجهيز حقيبة المدرسة التي كانت تنتظر انتهاء الحرب.
استهداف متكرر لمراكز الإيواء
هذه المجزرة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة في سجل الحرب على غزة، التي تجاوزت 20 شهراً من القتل المستمر، فقد أعلنت السلطات في غزة أن الاحتلال استهدف 234 مركز إيواء منذ بداية الحرب، بما في ذلك مدارس، مستشفيات، مساجد، وحتى أماكن صنفها جيش الاحتلال نفسه كـ'مناطق آمنة'.حرب إبادة مستمرة
منذ السابع من أكتوبر 2023، تشهد غزة حرب إبادة حصدت أكثر من 176 ألف شهيد وجريح، أغلبهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد عن 14 ألف مفقود لا يعرف لهم أثر، ويقول الفلسطينيون إن الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل ساهم في استمرار هذا الجحيم المفتوح، بلا مساءلة.ومع كل قصف جديد، ومع كل فصل دراسي يتحول إلى مقبرة جماعية، يُضاف وجع جديد إلى غزة.. وجع لا تحمله الكلمات، ولا تنقله الصور.. فقط صمت الأمهات على الأطلال، هو من يروي حقيقة ما يحدث هناك.