أحمد الضبع يكتب: الشيخ عبدالله كامل.. وداع يليق برجل صالح

لم أكن من متابعي الشيخ عبدالله كامل، الذي رحل إلى جوار ربه، الخميس، عن عمر يناهز 38 عاما بالولايات المتحدة، لكنني وجدت نفسي أتصفح قناته على يوتيوب وأشاهد الفيديوهات التي يظهر فيها يرتل القرآن الكريم بصوت عذب كأنه آت من السماء.

اصطفت جموع المصلين خلف الشيخ الذي فقد بصره عند ولادته، في خشوع وتدبر، خلال صلاة التراويح في حي بروكلين بمدينة نيويورك، بينما في مقطع آخر أجهشوا بالبكاء من حلاوة الصوت الإيماني النابع من القلب.

في أواخر العام 2022، انتشر خبر عن وفاة الشيخ عبدالله كامل، وسرعان ما تبين أنه مجرد تشابه أسماء، وحينما علم شيخنا بنبأ وفاته أنشد قصيدة يهتز لها الوجدان بعنوان «قالوا مات» نعى فيها نفسه، وكأنه يصف المشهد الآن بالتفصيل.

كل ما نظمه الراحل عبدالله كامل، في قصيدته تحقق بالفعل بعد وفاته، فقد تدفقت رسائل الحب النقي على روحه الطاهرة كالسيل، وحدث فعلا ما قاله: «أنا لم أمت لكن موتي قد دنى».

ومن كرامات الشيخ الراحل أنه قضى آخر ما تبقى من عمره في طاعة الله- عز وجل- فقد صلى الفجر إماما بالمسجد، وألقى خطبة قصيرة على المصلين بعد الصلاة، وظل يقرأ القرآن حتى الظهر، وبعدما أدى صلاته غط في نوم عميق، وحينما حاول أصدقاؤه إيقاظه فوجئوا بأن نفسه رجعت إلى ربها راضية مرضية.

قضى الشيخ عبدالله كامل عمره ما بين الصيام والقيام وقراءة القرآن الكريم فقد أنار الله قلبه بالإيمان، وجعل فيه آية للمبصرين، فرغم فقدانه البصر فإنه حفظ كتاب الله، وأبدع في تلاوة آياته وختمه 24 مرة هذا العام، فودع الدنيا كما يليق برجل صالح يؤمن بأن الآخرة خير وأبقى.

يُذكرني هذا الشيخ بأستاذي يحيى مُدرس مادة الدين الإسلامي في المرحلة الابتدائية، رجل أنيق يفتقد البصر لكنه يتمتع بالبصيرة، ويحفظ القرآن ويعرف معناه، ويتلوه بصوت ملائكي يطرب الآذان ويشفي القلوب عند سماعه، كان أستاذا وقورا يهابه طلابه وزملاءه ويحبونه أيضا.

وذات يوم عاد من المسجد بعدما أدى فرض الرحمن، ولمّا خلد إلى النوم، صعدت روحه إلى باريها، خفيفة لأنها لا تحمل ظلما، فهكذا الطيبون يرحلون بهدوء فرحين بما آتاهم الله من فضله.

اقرأ أيضا: أحمد الضبع يكتب: ثماني سنوات خُضر

اقرأ أيضا: وفاة الشيخ عبدالله كامل.. ووكيل الأوقاف السابق ينعيه بكلمات مؤثرة