أحمد موسى يكتب: السلاح النووى الإسرائيلى وسباق التسلح

جاء الاعتراف المثير والخطير من وزير التراث الإسرائيلى المتطرف إلياهو، باستخدام جيش الاحتلال قنبلة نووية ليضرب بها قطاع غزة، بمثابة أهم الأسرار التى كشف عنها العدوان الصهيونى المستمر على الشعب الفلسطينى منذ 7 أكتوبر الماضى، فلم تعترف إسرائيل منذ امتلاكها السلاح النووى بداية الستينيات بشكل مباشر، ولم يتورط أى مسئول إسرائيلى فى أن يعترف بذلك رغم توجه رئيس أركان جيش الاحتلال ديفيد إليعازر الى جولدا مائير رئيس الحكومة الإسرائيلية يوم 8 أكتوبر 1973، وعند تعرضهم لهزيمة كبيرة على يد القوات المسلحة المصرية، يهمس لها بمدى امكانية استخدام السلاح النووى ضد الجيش المصرى، لكنها التزمت الصمت وطلبت عدم الحديث فى هذا الأمر مجددا، وإن كان أحد العاملين فى مفاعل ديمونة النووى بصحراء النقب موردخاى فونونو الذى عمل 9 سنوات بالمفاعل الإسرائيلى قد نشر صورا وفيديوهات فى منتصف الثمانينيات عن المفاعل النووى، وتمت ملاحقته فى عدة دول من جانب الموساد حتى اعتقاله فى إيطاليا وسجنه مدى الحياة، وخطورة ما تحدث به وزير التراث الصهيونى الأحد الماضى أن حكومة مجرم الحرب نيتانياهو أمامها خيار استخدام القنبلة النووية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، وبعيدا عن ردود الفعل المصرية والعربية والدولية، فإن طرح هذا الأمر يدفعنا للحديث عن السلاح النووى الإسرائيلى، والذى يصبح مهددا لكل دول المنطقة، وقد أخطأت مصر عندما وقعت معاهدة منع الانتشار النووى عام 1970، ثم التصديق عليها من جانب البرلمان المصرى عام 1981، بضغوط من الولايات المتحدة، والتى وعدت مصر بأنها ستدفع إسرائيل إلى ضرورة الانضمام الى معاهدة منع الانتشار النووى، ولم يحدث ذلك حتى اليوم، ولن يتم فى المستقبل، لأن الولايات المتحدة تريد أن تكون إسرائيل الدولة الأقوى فى الشرق الأوسط، ومنذ هذا التاريخ الذى تعاونت فيه فرنسا بعد العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 وتهديد خروشوف سكرتير عام الحزب الشيوعى السوفيتى بضرب لندن وباريس بالسلاح النووى، وكان هذا الانذار مؤثرا فى معركة السويس، وهو الأمر الذى دفع إسرائيل الى الطلب من فرنسا مساعدتها فى بناء برنامجها النووى السرى، وقد حدث ذلك، وفى دراسة سرية كشفت أن اتفاقا أمريكيا ـ إسرائيليا تم بمقتضاه موافقة الولايات المتحدة على امتلاك الكيان الصهيونى السلاح النووى بشرط عدم الإعلان عنه نهائيا، وأصبحت إسرائيل الدولة التى تملك هذا السلاح المدمر خارج الرقابة الدولية، ولم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من القيام بمسئولياتها لإجراء التفتيش والمراقبة للقدرات الصهيونية النووية، والتى تهدد كل جيرانها، وكانت نيات مصر السلمية عند التوقيع والمصادقة على معاهدة عدم الانتشار النووى، لتتمكن فى أى وقت من إنشاء مشروعها النووى السلمى، لكن فى عالم اليوم الذى يشهد تغيرات جيوسياسية، لابد من ربط التحرك الإسرائيلى الأخير والتهديد باستخدام السلاح النووى، بضرورة إخضاعها لمعاهدة حظر الانتشار، وقيام الوكالة الدولية بقرار من مجلس الأمن الدولى بممارسة دورها فى التفتيش على البرنامج النووى الإسرائيلى، وإلا سيكون هناك صراع فى الشرق الأوسط على امتلاك هذه النوعية من أسلحة الردع، وستقود أى حروب مقبلة الى الاضرار بالجميع، وعلينا التأكد أن إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة يدمران أى مفاعلات تقوم بها دول المنطقة، وكما حدث بضرب المفاعل النووى العراقى عام 1981 من جانب جيش الاحتلال، وأيضا تدمير إسرائيل المفاعل النووى السورى عام 2008، وتعمل إيران للوصول للسلاح النووى، بعد أن أصبحت لديها المعرفة البحثية النووية الكاملة وتخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪، وفى حالة وصولها الى 90٪ يمكنها تصنيع السلاح النووى وإجراء أول تجربة نووية فى حالة عدم استخدام الولايات المتحدة ما يجرى حاليا فى فلسطين، وتوجيه ضربة خاطفة للمنشآت النووية الإيرانية، وإن كان مثل هذا القرار سيؤدى الى دخول الشرق الأوسط فى فوضى وعدم استقرار لسنوات مقبلة.

الإبادة التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى وسط دعم أمريكى وغربى لجيش الإحتلال، يدفع قادة الدول العربية الذين سيعقدون قمة طارئة فى الرياض غدا، الى ضرورة اتخاذ قرارات من شأنها الردع والحماية والبدء فى اتخاذ خطوات جادة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، وهو الحل الوحيد الذى يمنع تكرار ما جرى فى 7 أكتوبر الماضي.. الشعب الفلسطينى لا يريد سوى دولة.