كورونا.. وحدت العالم
العالم كله الآن يهتم بنفس القضية، ويتابع نفس الأخبار، ويتلقى نفس القرارات، ويعانى نفس المعاناة.
كورونا.. وحدت العالم..الباحثون فى كل الدول يتبادلون الأبحاث والدراسات، والحكومات تتبادل الخبرات، أما الشعوب فتتشارك فى تجربة إنسانية فريدة، هى تجربة العزل المنزلى، وتغيير نمط الحياة، والتوقف عن ممارسة كافة الأنشطة، حتى العمل والتعليم.
قبل كورونا، ربما لم يتحد العالم على مواجهة كارثة مشتركة بنفس درجة الخوف والتأثير، على الأقل فى عصرنا الحديث، لم نشهد كارثة تهدد العالم كله فى نفس اللحظة بهذه الصورة المرعبة، حتى الأوبئة لم نشهدها أبدا بهذه السرعة والشراسة، والعجز الكامل فى مواجهتها، أو حتى مجرد فهمها.لكن وسط كل هذا القلق، لازالت هناك أشياء تبعث على الأمل، وهناك جوانب إيجابية خلقتها الأزمة، من بين هذه الإيجابيات، الجوانب الإنسانية والإبداعية التى خلقتها الأزمة على مستوى شعوب العالم كله، فسلط هذا الوباء الضوء على أهمية العاملين فى القطاع الصحى، وعلى تفانيهم وإنسانيتهم، التى استحقوا بها لقب الجيش الأبيض.
وانتشرت مبادرات التبرع فى كل الدول، وانتهز الكثيرون الفرصة، لإعادة الروابط الاجتماعية والاتصال بالأصدقاء والأقارب عبر الهاتف أو مكالمات الفيديو، وظهر فى انجلترا وكندا مثلا ما يسمى بمجموعات الدعم المحلية للمساهمة فى مكافحة الفيروس ونشر الوعى وتقديم الخدمات، وفى أستراليا خصصت متاجر البقالة ساعة للمسنين وذوى الإعاقة لتشجيعهم على التسوق بحرية وأمان، وعدم عزل أنفسهم. وفى إيطاليا ظهرت مبادرات إبداعية، فتشارك المواطنون الغناء والعزف من شرفات المنازل، ووقف مدربو لياقة بدنية يؤدون تمرينات رياضية وسط مجمع سكنى، وانضم إليهم السكان المعزولون من شرفاتهم.
وفى مصر كشف الفيروس عن المعدن الأصيل للشعب المصرى، فظهرت مجموعات من الأطباء تقدم استشاراتها الطبية المجانية عن طريق الواتس آب لكل من يحتاج، وظهرت جهات عديدة تقدم دوراتها التدريبية مجانية عبر الإنترنت فى مجالات مختلفة، وأعلنت وزارة الثقافة عن العديد من العروض المسرحية والموسيقية المجانية بالبث المباشر، وعلى مستوى السوشيال ميديا بدأ المواطنون يتشاركون الأفكار والتجارب والألعاب والتمارين الرياضية والذهنية، التى ساهمت فى التقارب بينهم، وإخراج إبداعاتهم.
وعلى المستوى البيئى، أكدت التقارير العالمية انخفاض مستوى التلوث البيئى المسئول عن انتشار أخطر أمراض العصر، فانخفضت مستويات تلوث الهواء، بعد انخفاض النشاط الصناعى والحد من رحلات الطيران واستخدام المواصلات، وانخفضت أيضا معدلات تلوث الأنهار وتحسنت أحوال الأسماك والأحياء المائية، بسبب الحد من المخلفات الصناعية والرحلات البحرية.
الصورة ليست قاتمة تماما، وقريبا إن شاء الله يتوصل العالم إلى علاج أو لقاح، وتنتهى الأزمة.. وحتى إذا تركت الأزمة آثارا سيئة، فستترك معها بلا شك دروسا تعلم منها العالم كله.