من«ما كانت امرأةَ سَوءٍ» لـ«الأم قاسية القلب».. قصة تحول معيدة المنصورة من ضحية لمتهمة خلف القضبان

14 شهراً فقط مرت على الحكم الشهير الذي أصدرته محكمة جنايات المنصورة برئاسة المستشار بهاء المري، بالسجن المشدد 10 سنوات لشاب لإدانته بهتك عرض شقيقته وتعريتها لتصويرها مع صديقه بسبب خلافهما على الميراث.

قصة معيدة المنصورة من ضحية تعذيب لمدانة به

وقتها كانت تقف «إسراء ا. ع.» 29 عامًا، المعيدة بإحدى الكليات الأزهرية، أمام المحكمة كضحية تحظى بتعاطف الرأي العام جراء صعوبة ما تعرضت له من موقف وصفته المحكمة وقتها بـ «الأمارةٌ اليقينية على خلل اجتماعي وبيل يضرب بقيم المجتمع ومبادئه عرض الحائط».

ولم تمر سوى تلك الفترة منذ 29 ديسمبر 2021، حتى عادت إسراء أمام ذات المحكمة، ولكن ليست كضحية مجني عليها، وإنما كمتهمة جانية منسوب إليها اتهامات بتعذيب طفلها الذي لم يتعدى عمره 9 سنوات، لإجباره على التسول مما أحدث عاهة مستديمة بفقد مساحة كبيرة من فروة رأسه، وتدان أيضاَ بتهمة الإتجار بالبشر.

لتعاقبها المحكمة بجلسة اليوم بالسجن 13 عاماً عن التهمتين، وتتحول «إسراء» وفقاً لتوصيف المحكمة ذاتها من « ما كانت امرأةَ سَوءٍ ولا بَغيَّا» إلى «قاسية القلب لا تعرف من الأمومة سوى اللقب»

ويرصد «موقع قناة صدى البلد» في هذا التقرير القصة الكاملة لتحول المتهمة «إسراء» من ضحية ومجني عليها، إلى جانية ومدانة بتعذيب نجلها وإجباره على التسول.

إسراء.. ضحية تكسب تعاطف الرأي العام

في 27 سبتمبر 2021  شهدت مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، واقعة مأساوية أقدم فيها شاب يدعى «محمود. ا. ع»، 21 سنة،  على خطف شقيقته «إسراء» بطريق التحايل والإكراه بمعاونة صديق له.

ووفقاً لتحقيقات النيابة في القضية، نسج المتهمان للضحية خيوط المكيدة وانطلت عليها ‏فتمكنا من اقتيادها بداخل السيارة أرقام «ع ط ج 2899» وما إن فطنت لشركيهما فقاما بالتعدي ‏عليها بالضرب بالأيدي وأوثقا يديها وكمما فمها بلاصق وتمكنا بتلك الوسيلة القسرية من ‏إقصائها إلى عدة أماكن بعيدة عن ذويها وأعين الرقباء ليتمما جرائم هتك عرض شقيقته وتعريتها لتصويرها مع صديقه بسبب خلافهما على الميراث.

وبناء عليه، قضت محكمة جنايات المنصورة في 29 ديسمبر 2021، حضوريًّا بمعاقبة «محمود. ا. ع» شقيق المجني عليها بالسجن المشدد 10 سنوات عما أسند إليه، ‏وألزمته المصاريف الجنائية، وبمعاقبة صديقه «محمد. أ. م»، بالسجن المشدد 5 سنوات عما أسند إليه ‏وألزمته المصاريف الجنائية‏، وبمصادرة الأقفزة البلاستيكية واللاصق الطبي المضبوطين، ‏وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة بلا مصاريف.‏

المحكمة:إسراء ما كانت امرأةَ سَوءٍ ولا بَغيَّا

وعقب النطق بالحكم المتقدم، وجهت المحكمة للمتهم الأول في القضية شقيق «إسراء» كلمات مؤنبة قال فيها رئيس المحكمة المستشار بهاد المري: «يا محمود.. ألقت بك المقادير في يم الحياة طفلًا يتيمَ ‏الأبوين،‎ ‎فقيض الله لك أختًا، ما كانت امرأةَ سَوءٍ ولا بَغيَّا، بَصُرَت بكَ عن قُربٍ وأنتَ لا تشعُر، ‏ومَـَشـت بكَ في دُروب الحياة على استحياءٍ، حتى بَلَغْتَ رُشدَك، ولما شَبَـبْتَ عن الطَّوقِ ما ‏شَدَدْتَ عَضُدَها، بل عَرَّيتَها لغَريبٍ يَنهَشُ لحمَها؛ لتأكلَ مِيراثَها ظُلمًا» ‎وأضاف رئيس المحكمة : «أمَّنتْكَ في سِربكَ، فرَوَّعتها على المَلأ‎، دَثَّرَتكَ في ظُلمَةِ الليل؛ ‏فكشَفتَ سِترَها نَهارًا، لم تـَرْعَ فيها يا أخَاها إلًّا ولا ذمَّة، ولا لِصلةِ الدم والرَّحمِ حُرمة، ‏لقد جِئتَ شيئًا فَرِيًّا».‎ وتابع: «فإذا كان المِلحُ يقي اللحمَ الفسادَ‎، فمن يُصلحُ المِلحَ إذا الملحُ فَسَدَ؟!».

وأكد رئيس محكمة جنايات المنصورة أن هذه ‏القضية ليست في صورتها الحقيقية مجرد واقعة خطف وهتك عرض.. إنما هي على النظرة ‏بعيدة المدى أمارةٌ يقينية على خلل اجتماعي وبيل يضرب بقيم المجتمع ومبادئه عرض الحائط.‏

إسراء.. جانية ومدانة بتعذيب ابنها

ووفقاً لتحقيقات النيابة في قضية تعذيب ابنها، أقدمت «إسراء» بتاريخ سابق على 11/10/2022 بالتعامل بالعنف والتهديد مع ابنها الطفل المجني عليه 'محمد أ. س' 9 سنوات، حال كونها أحد أصوله ومسؤولة عن ملاحظته وتربيته ولها سلطة عليه، واستعمت ضده القوة ذلك بقصد استغلاله في أعمال التسول بالطرق العامة في الحصول على منفعة مادية تمثلت فيما تحصلت عليه من مقابل قيامه بأعمال التسول وقد تم ذلك الفعل بطريق الأذى الجسيم و التعذيبات البدنية الموصوفة بتقرير مصلحة الطب الشرعي والنفسية على النحو المبين بالتحقيقات.

وأحدثت المتهمة إصابة نجلها عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتت النية وعقدت العزم وأعدت لذلك الغرض 'خرطوم - مياه مغلية'، وما أن ظفرت به حتى كالت له عدة ضربات بالخرطوم وسكبت المياه المغلية على جسده فأحدثت إصابته بالرأس والطرف العلوي الأيمن الموصوفة بتقرير مصلحة الطب الشرعي والذي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها متمثلة في فقد مساحة كبيرة من فروة الرأس وتحديد بحركة الكتف الأيمن وتقدر نسبتها مجتمعة بنحو حوالي 15%.

وبناء على تلك التحقيقات عاقبت ذات المحكمة «إسراء»، اليوم الأربعاء، بالسجن المشدد 13 عامًا لإدانتها بتعذيب ابنها وإجباره على التسول باستعمال القوة والعنف والتهديد.

المحكمة: أم قاسية لا تملك من الأمومة سوى اللقب

وقبل النطق بالحكم نادى المستشار بهاء الدين المري، على المتهمة «إسراء» في قفص الاتهام، قائلًا:  «يا إسراء الأمُومَة عَطَاء حُب ورَحمة وإيثار وفِداء، أمَّا لديكِ فكانت تجارة، ثُمَّ قَسَى قلبُك مِن بَعد ذلكَ فهو كالحِجارة، كم مِن مُجرمٍين تَاجرُوا بالبَشَر، أمَّا أن تُتاجر أمٌّ بطفلها فذلكَ شَيءٌ نُكُر، لم تَعرفي مِن الأمومَةِ إلا اللقب، أحبَبت المال حُبًا جَمًا، وفي سبيلِه هان الوَلَد، أكرهتِ فِلذة كبِدك على التَسوُل وبماء كالمُهل حرَّقته كلما رفَض».

وتسائل رئيس محكمة جنايات المنصورة 'كيف كُنت والماء الحَميمُ يشوي فَروةِ رأسه، ويعوق حركة كتفه؟ ما حالُ قلبِك وقطعة من روحِك تَرتعِد؟ ما حالُ ليلِكِ وهو يئن وينتحِب؟ هل غمَضَت عيناك، وهل كنت تنامين؟.

وأضاف: 'الأم خُلقَت لتَحنُو، لا لتُفسِد من الأبناء الجَسد، لم تأت دابة ما جِئتِ به، بل تَرفع حافرَها عن صَغيرِها، خَشية أنْ تُؤذِيه، لم تَعرفْ الرحمة سبيلًا إلى قلبِكِ، واستَعصَى على المَحكمةِ عند التطبيقِ أن تَشمَلِكْ فَمَن لا يَرحَم لا يُرحَم'.

 

السجن المشدد 13 عامًا لمعيدة جامعية بتهمة تعذيب نجلها لإجباره على التسول بالدقهلية

عذبت نجلها لإجباره على التسول.. استكمال محاكمة معيدة جامعية اليوم

«نفس مكان آداب المنصورة».. القصة الكاملة لإنقاذ رقبة فتاة من مصير نيرة أشرف

اليوم.. جنايات المنصورة تواصل محاكمة ربة منزل وعشيقها بتهمة التخلص من الزوج

حيثيات الإعدام على قاتل نيرة أشرف.. المحكمة تطلب إذاعة الحكم على الهواء