أين حرم السكة الحديد ؟
اصطدام قطار بضائع، محمل بفحم الكوك قادم من قليوب في طريقه إلى الواحات مرورًا بالتبين بسيارتين أحدهما أتوبيس يستقله عددًا من العمال والآخر ميكروباص في منطقة كفر العلو بحلوان جنوب القاهرة.. مأساة عشناها يوم الاثنين الماضي.. والحمد لله أن رجال قسم شرطة حلوان انتقلوا الى مكان الحدث فور الإبلاغ عنه كما تم الدفع بسيارات الإسعاف لنقل المصابين وإسعافهم.
لكن التقارير الصحفية والتلفزيونية كشفت عن كوارث يمكن أن تهدد حياة العشرات كل يوم لولا لطف الله، فشريط السكة الحديد..ماشى تحت البيوت، و ما يفصل القطار في حركته عن العشوائيات التي تمددت على جانبيه وفوقه سنتيمترات محدودة ويكاد السائق ينزل ليدفع المارة ويخلى الطريق في ذهابه وإيابه!
معقول.. سيارات راكنة وتكاتك وعربات كارو تعبر من فوق القضبان ومحلات بقالة تفرش على الرصيف ولا مجال لوقوف الزبائن الا على شريط القطار !، وملابس «منشورة في البلكونات» يخيل لى أنها ستعلق بسطح القطار أثناء مروره، حيث إن هناك منازل تقع علي شريط القطار ، اعتقد ان هذه التقارير تمثل صرخة مدوية وهي بلاغ إلى من يهمه امر سلامة الناس وتطوير مرفق السكة الحديد وتطهيره من العشوائيات التي وضعت مصر خطة ناجحة للخلاص منها نهائيا فقط كانت وصمة عار على أرض مصر والحمد لله نجحنا في القضاء على هذا الملف الشائك الذي كافحوه سنوات طويلة للتخلص منه ومن المناطق الخطرة التي كانت تهدد حياة السكان ومن الحياة الغير آدمية التي كان يعيشها اهالينا سواء في منطقة عزبة الصفيح او بطن البقرة وغيرها من الأماكن شديدة الخطورة ، لكن يبدو أن بؤر العشوائيات هربت من قلب المدن واستوطنت حول خطوط السكة الحديد، في شكل مقالب لكسر المباني أو مدافن للسيارات القديمة أو ورش ومخازن لبعض المحلات وأخيرا كما في حالة خط سكة حديد التبين حلوان ..بيوت ومساكن وحظائر وحياه كاملة تهدد سلامة الناس وحركة قطار البضائع نفسه!
وجدتني أتعاطف جزئيا مع شكوى مصطفى أبو المكارم، رئيس هيئة السكك الحديد حين قال: المنطقة التى شهدت الحادث عشوائية، وهناك منطقة حرم للسكك الحديدية لا تزيد عن أمتار معدودة حدث عليها تعديات، ورغم أن خط السكك الحديدية متواجد من قبل المنازل المعتدية على الحرم، لكن ليس لدينا سلطة الإزالة!.
المفزع في الأمر أن هذه العشوائيات أجبرت المسئولين على أن يتعاملوا مع الأمر الواقع وليس العكس، وبدلا من أن يتعامل الناس بحذر مع السكة الحديد انقلبت الآية، وصارت السكة الحديد تتكيف مع الأمر الواقع، وتحاول تخفيض سرعة القطار حينما يقترب من المناطق التي توجد بها منازل، حتى لا يحدث ماحدث بالأمس حين غامرت سيارتا ميني باص وسارتا عكس خط القطار. والنتيجة الكارثية معروفة، القطار لم يستطع الوقوف فجأة كونه يجر 22 عربة محملة بالرخام، فأطلق إشارة التنبيه لم يسمعها أحد أو سمعها لكن لم يستطع التصرف وتوقف بعد خراب مالطة!.
وطبعا ليس هذا دفاعا عن الخطأ في عدم وجود مزلقان في موقع الحادث، ولو وجد مزلقان لا يوجد عليه ضبط وربط واحترام كاف من المارة!
لا يكفى أن يسلم سائق القطار نفسه للشرطة بعد الحادث ونبدأ التحقيق في ملابسات وقوعه وصرف تعويضات للضحايا وتوقيع أقصى العقوبة على المهملين والمخطئين، ولا يكفى أن يكون لدينا وزير نقل لديه طاقة غير طبيعية على العمل والإنجاز، لكن لابد مساعدته في ثورته الشاملة لإعادة هذا المرفق الهام إلى الانضباط الكامل الذى نستحقه والنهوض به إلى مستوى التحديث الذى تم ويتم في مرفق النقل والمواصلات والطرق إلى أعلى المواصفات القياسية العالمية!
لابد من إحكام المزلقانات ومنعها وتحويلها إلى أنفاق أو كبار علوية واحترام حرم السكة الحديد كما تحترم خطوط المترو بلا تقاطعات حفاظا على سلامة المواطنين وانتظام أداء هذا المرفق التاريخي العريق في مصر.
أري البدء فورا في تشكيل لجنة مشتركة من النقل والمحليات والتخطيط لمراجعه حرم السكه الحديد في جميع محافظات مصر، وإزالة المخالفات فورًا
حتي لا نستيقظ كل يوم علي كارثة جديدة.