نيفين منصور تكتب: وتأتيك الفاجعة
مهما كانت الدنيا أمامك تسير بصورة معتدلة ومستقرة فلا تأمن غدر الأيام ولا تصدق أن الحال دائم مهما كانت الظواهر تدل علي ذلك.. فدوام الحال من المحال والفواجع قد تأتي لتقلب الموازين وتغير حياتك للأبد .. ولا أحد يعلم ما تخبئه له الأيام ..
حوادث مفزعة تحدث لبعض الناس من شدتها أحيانا لا نستطيع أن نستوعبها كما حدث منذ أيام وفي ليلة واحدة موت اتنين من الأخوة في حادث مؤلم وموت ثلاثة أخوة آخرين أيضا في حادث علي الطريق .. ومنذ فترة مات أربعة أطفال صغار نتيجة حريق بعد ذهاب والدتهم لعملها وعادت لتجدهم جميعا أموات والمنزل محترق.. و فقدت كل شيء.. حوادث مفزعة تغير الحياة فجأة وأحيانا تذهب العقول وتدمر حياة البعض..
حوادث لا يتحملها إلا قلة قليلة من المؤمنين بقضاء الله وقدره ولكنها عبرة للجميع وليست لمن مر بها فقط .. ربما يريد المولي عز وجل أن ينبهنا بها جميعا لمراجعة النفس ولمعرفة أن القدر قد يأتي ليغير المصير ويبدل الأحوال ويذهب بالعقول أحيانا.. قوة البلاء أقوي من أي شيء قد نتوقعه .. يطوي صفحات للأبد وقد يفتح أبواب للمعاناة تظل مفتوحة حتي نهاية العمر.
من الممكن أن يزول المال بين ليلة وضحاها.. ومن الممكن أن تزول السلطة دون سابق انذار .. كذلك الصحة و البنون .. لا شيء يدوم .. كلنا إلي زوال ونعلم جيدا أن لكل منا موعد وسوف يرحل تاركا خلفه الجاه والسلطان وكل معطيات الحياة .. ولكن عندما يأتي البلاء فجأة ودون سابق إنذار شدته قد تُذهب الإيمان وتدمر العزائم وتدمي القلوب ..
من منا يستطيع أن يتخيل مجرد التخيل أنه قد يفقد أقرب الناس إليه فجأة أو أن يفقد أولاده في ليلة واحدة وهو كهل لا يستطيع أن ينجب غيرهم ويفقد معهم أحلامه ويري أمام عينيه رحلة الشقاء قد انهارت وكأنها كانت سراب .. الابتلاء لا يأتي إلا فيما نحب وكلما زاد تعلقنا بالأشياء أو بالبشر كلما زاد الابتلاء وزادت شدته .. ربما يريد المولي عز وجل أن ينذرنا أن الدنيا إلي زوال حتي لا نتعلق بها ولكن الألم أحيانا يكون أقوي من احتمال من يمر به حتي ولو كان قادرا عليه تظل المحنة مفجعة ويظل الصبر أصعب الأمور فهو اختبار لقوة اليقين والقليل منا من يتحمله ..
يقول المولي عز وجل في كتابه الكريم (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) والوسع في اللغة يعني القدرة ولكن المعني قد يفتح باب التساؤل هل القدرة المقصودة هي القدرة علي تقبل البلاء أم القدرة علي الصبر وتحمل الألم وربما أراد المولي برحمته لعلمه بقوة الألم التي تصاحب البلاء أن يرزقنا بهذا الدعاء لعله ينجينا من فواجع الأقدار فمنا من لا يستطيع أن يتحمل هذا النوع من البلاء رغم قوة إيمانه . اللهم هون علي من كتب الله عليهم بلاء الفقدان في أعز من لديهم واكفنا جميعا شر الفواجع التي تدمي القلوب.