محمد أبو العينين يكتب: ثورة 30 يونيو.. بداية الانطلاق لبناء المستقبل

9 سنوات مرت على ثورة 30 يونيو المجيدة، لكن أحداثها ستظل محفورة في ذاكرة المصريين، ونتائجها ترسم ملامح مصر المستقبل. لم تكن 30 يونيو، مجرد انتفاضة لإزاحة نظام حكم رفضته جموع الشعب، بل كانت ثورة استرداد هوية وطن وتصحيح مساره وبناء دولة عصرية جديدة. ثورة جسدت عظمة مصر وتاريخها وحضارتها، ووحدت كافة أطياف شعبها ومؤسساتها، لإخراج مصر من النفق المظلم الذي كانت تسير فيه.

كانت هذه الثورة الشعبية نقطة تحول وخط فاصل بين عصرين. خط فاصل بين عام من الفشل السياسي وسوء الإدارة والوعود الكاذبة والاقتصاد المتردي وفقدان الثقة والمصداقية في الدولة وعدم الاستقرار السياسي والأمني وغياب الرؤية وتدنى النمو وارتفاع البطالة وهروب الاستثمار وأزمات مستمرة في البنزين والسولار والكهرباء والغاز وتوقف المصانع بسبب نقص الطاقة والإضرابات العمالية والمطالب الفئوية.

وبين دولة بشهادة كل المؤسسات الدولية تسير على الطريق الصحيح، تمثل قصة نجاح ونموذج يحتذى، لديها رؤية واضحة للمستقبل هدفها أن تصبح من أكبر 30 اقتصاد في العالم، تستهدف مضاعفة مساحة المعمور من 7% إلى 14%، ولأول مرة نرى كل هذا الكم من المشاريع العملاقة في الزراعة والطرق والإسكان والكهرباء وتنمية منطقة قناة السويس.

تحية إعزاز وإجلال إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي رمز ثورة 30 يونيو، الذي لبى نداء الشعب وانحاز لإرادته الحرة، وأنقذ البلاد من الحرب الأهلية والفاشية الدينية، الذي يبنى ويعمر وينمى ويطور ويغير الواقع ليبني مصر الجديدة التي نفخر بها جميعا.

نجح الرئيس السيسي في تحقيق أهداف ثورة 30 يونيو. وخلال وقت قصير تمكن من إحلال النظام والاستقرار، وعودة الأمن والاستقرار السياسي، أعاد الاقتصاد المصري نحو المسار الصحيح، فلا تنمية بدون استقرار.

كما استعادت الدولة عافيتها ومصداقيتها والثقة الدولية والمحلية فيها، ووضعت السياسات والتشريعات التي طمأنت وحفزت الاستثمار فتدفقت الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتم حل مشكلة تدهور البنية الأساسية، وتوفير الكهرباء والغاز في وقت قياسي.. وتحولت مصر من دولة تعاني الانقطاع المتكرر للكهرباء والغاز إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة ومُصَدِّر رئيسي للغاز والكهرباء.

وأدخل الرئيس السيسي لمصر قيم ومبادئ وفكر جديد. فكل دقيقة لها ثمن لأننا نسابق الزمن من أجل التنمية، وكل تأخير في تنفيذ المشاريع له تكلفة على الدولة وعلى المواطن، وأن ثروة الدول ليس في مواردها وإنما في كيفية استغلالها وتعظيمها للقيمة المضافة من هذه الموارد.

فموقع قناة السويس الفريد يتم استغلاله لتتحول المنطقة إلى عاصمة اقتصادية جديدة لمصر ومركز للجذب الاستثماري والصناعي للعالم. والأراضي الصحراوية التي كان سعر المتر فيها 50 جنيه عندما خططت في صورة مدن الجيل الرابع ارتفع سعر المتر إلى آلاف الجنيهات أضيفت للثروة القومية.

لقد مرت على مصر خلال السنوات الـ 10 الماضية أصعب التحديات: ثورتي 2011 و2013 وجائحة كورونا والحرب الأوكرانية الروسية، لكن بفضل جهود الرئيس السيسي وسياساته الاستباقية واصلاحاته الجريئة استطاع الاقتصاد المصري الصمود بل وتحقيق نمو مرتفع. وكانت مصر واحدة من أعلى الدول نموا ومن الدول القليلة على مستوى العالم التي شهدت نمواً إيجابياً طوال أزمة كورونا.

صحيح أن التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على جميع دول وشعوب العالم هي الأكبر والأخطر على العالم منذ الكساد الكبير عام 1929 والتي ارتفعت معها معدلات التضخم وأسعار الطاقة والغذاء إلى مستويات تاريخية. لكن مصر قادرة على تجاوز الأزمة - إن شاء الله - بفضل حكمة الرئيس وقوة مؤسسات الدولة والتفاف الشعب حول قيادته، ولأن الرئيس السيسي نجح خلال السنوات الـ 8 الماضية في أن يضع مصر على الطريق الصحيح؛ لتحقيق نمو اقتصادي مرتفع ومستدام.

هذا النمو المرتفع هو مفتاح حل مشاكل مصر الاقتصادية، هو الذي يخلق الوظائف، ويزيد الدخول، ويوفر موارد حقيقية لتمويل الموازنة والإنفاق الاجتماعي، وهو الذي يزيد الصادرات فيقل عجز الميزان التجاري ويقل ويٌحدث استقرار في سعر الصرف.

وطالما أن الاقتصاد المصري قادر ويحقق بالفعل نمو مرتفع فإن مصر على طريق تحقيق مستقبل مشرق.

وهذا ما تؤكده الأرقام. فقبل ثورة 30 يونيو كان معدل النمو أقل من 1.7% والبطالة أكثر من 13% وعجز الموازنة أكثر من 12.6% والاحتياطي الأجنبي أقل من 13.4 مليار دولار.

لكن مع تولى الرئيس السيسي، أنجزت مصر عبور اقتصادي واجتماعي غير مسبوق. تضاعف معدل النمو 3 أضعاف وقفز إلى 5.6% قبل جائحة كورونا، ويتوقع أن يصل إلى 6.2% بنهاية العام المالي الحالي 2021/2022، بل وصل إلى 9% في النصف الأول من العام الحالي وإلى 7.8% خلال الأشهر التسعة من يوليو 2021 – مارس 2022، وهذه المعدلات هي الأعلى في تاريخ مصر.

لقد أدى النمو المرتفع الناتج عن زيادة الاستثمار والتصدير وليس الاستهلاك كما كان يحدث في الماضي، إلى خفض عجز الموازنة لـ 6.8% وخفض الدين العام إلى 91% وخفض البطالة إلى 7.2% ورفع الصادرات إلى 45.2 مليار دولار وهو أعلى رقم حققته الصادرات المصرية في تاريخها وزيادة الاحتياطي إلى 45 مليار دولار وخفض التضخم إلى أقل من 4% قبل الأزمة الحالية، وزيادة إيرادات قناة السويس من أقل من 5 مليارات دولار سنويًا لما يقرب من 7 مليارات دولار نتيجة شق قناة السويس الجديدة، ومضاعفة الناتج المحلى من 1.3 تريليون جنيه في 2011 إلى 9 تريليونات جنيه مقدرة في العام المالي القادم، وزيادة إيرادات الموازنة العامة من265.2 مليار جنيه في 2011 إلى 1.5 تريليون جنيه متوقعة في 2022/ 2023.

وفر هذا النمو المرتفع للدولة الموارد المالية للارتقاء بجودة حياة المواطن ومكنها من القضاء على قوائم الانتظار في العمليات الجراحية وبدء تطبيق التأمين الصحي الشامل والقضاء على فيروس سي، ومضاعفة مخصصات التعليم والصحة والأجور، وإطلاق أكبر مشروع اجتماعي في العالم هو حياة كريمة، وبناء مئات الآلاف من السكن الاجتماعي ومتوسط الدخل، والقضاء على العشوائيات، وبناء أكثر من 15 مدينة جديدة، وإنشاء الآلاف من الكيلومترات من الطرق والمحاور الجديدة، وإنفاق أكثر من 2.7 تريليون جنيه للدعم والحماية الاجتماعية في آخر ٨ سنوات.

بفضل الإصلاحات التي قادها الرئيس السيسي والإجراءات السريعة التي وجه بها فإن مصر أثبتت أنها قادرة على الصمود أمام الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة والتعامل المرن مع تحدياتها وامتصاص صدماتها دون أن تختفي سلعة واحدة من الأسواق ودون أن يحيد الاقتصاد المصري عن مساره الصحيح في النمو المرتفع. وسوف تعبر مصر الأزمة العالمية الراهنة كما عبرت جائحة كورونا لتخرج أقوى مما كانت.

وهو ما تؤكده تقارير المؤسسات الدولية. ففي الوقت الذي تخفض هذه المؤسسات توقعات النمو للاقتصاد العالمي

بفعل الأزمة الحالية، ترفع هذه المؤسسات من توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري. حيث رفع صندوق النقد الدولي تقديراته لمعدل نمو الاقتصاد المصري عام ٢٠٢٢ إلى ٥,٩٪ بدلًا من ٥,٢٪ في أبريل الماضي، كما رفع البنك الدولي توقعاته لمعدل النمو خلال العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢ من ٥,٩٪ إلى ٦,١٪، بما يعد شهادة ثقة جديدة في صلابة الاقتصاد المصري، وقدرته على التماسك والصمود أمام التحديات العالمية.

إن حزمة الإجراءات الجديدة التي أعلنتها الحكومة بتوجيه من الرئيس السيسي والتي تستهدف إفساح المجال أكثر أمام القطاع الخاص وتحسين مناخ الأعمال؛ وبناء قاعدة صناعية وتكنولوجية وزراعية قوية سعيًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعظيم الصادرات غير البترولية وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات المصرية، والحد من التضخم المستورد من الخارج، ودعم التحول للاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، وتنمية رأس المال البشري، وإدماج مصر في الثورة الصناعية الرابعة. ستسهم في جذب مزيد من الاستثمارات وإعطاء مزيد من قوة الدفع لمزيد من النمو المرتفع والانطلاق الاقتصادي والذي سيؤدى خلال سنوات قليلة إلى نقل مصر إلى مكانة جديدة وتمكينها من محاكاة معجزة النمور الآسيوية في التنمية السريعة والمستدامة.

إن حجم التحديات التي تواجهها مصر حاليا غير مسبوق، فهي تواجه الإرهاب في الداخل وتحدى سد النهضة والأزمة الاقتصادية العالمية في الخارج، لكن بفضل نجاحات ثورة 30 يونيو التي أعادت الروح والقوة للدولة المصرية، فإن مصر قادرة على التغلب على هذه التحديات واستكمال مسيرتها لتحقيق رؤية مصر 2030 في النمو والتنمية والحياة الكريمة.

أبو العينين يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 30 يونيو

تفاصيل لقاء أبو العينين مع رئيس فيفا على هامش منتدى الاستثمار في رواندا.. فيديو